وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

212 - ـ فصل : العجماوات خير من علماء يعبدون المال .
لا ينكر أن الطباع تحب المال لأنه سبب بقاء الأبدان لكنه يزيد حبه في بعض القلوب حتى يصير محبوبا لذاته لا للتواصل به إلى المقاصد .
فترى البخيل يحمل على نفسه العجائب و يمنعها اللذات و تصبر لذاته في جمع المال و هذا جبلة في خلق كثير .
و ليس العجب أن تكون في الجهال و ينبغي أن يؤثر فيها عند العلماء المجاهدة للطبع و مخالفته خصوصا في الأفعال اللازمة في المال .
فأما أن يكون العالم جامعا للمال من وجوه قبيحة و من شبهات قوية و بحرص شديد و بذل في الطالب ثم يأخذ من الزكوات و لا تحل له مع الغنى ثم يدخره و لا ينفع به فهذه بهيمية تخرج من صفات الآدمية .
بل البهيمية أعذر لأنها بالرياضة تتغير طباعها و هؤلاء ما غيرهم رياضة و لا أفادهم العلم .
و لقد كان أبو الحسن البسطامي مقيما في رباط البسطامي الذي على نهر عيسى و كان لا يلبس إلا الصوف شتاء و صيفا و كان يحترم و يقصد فخلف مالا يزيد على أربعة الآف دينار .
و رأينا بعض أشياخنا و قد بلغ الثمانين و ليس له أهل و لا ولد و قد مرض فألقى نفسه عند بعض أصدقائه يتكلف له ذلك الرجل ما يشتهيه و ما يشفيه فمات فخلف أموالا عظيمة .
و رأينا صدقة بن الحسين الناسخ و كان على الدوام يذم الزمان و أهله و يبالغ في الطلب من الناس و يتجفف و هو في المسجد وحده ليس له من يقوم بأمره فمات فخلف فيما قيل ثلاث مائة دينار .
و كان يصحبنا أبو طالب بن المؤيد الصوفي و كان يجمع المال فسرق منه نحو مائة دينار فتلهف عليها و كان ذلك سبب هلاكه .
و من أحوال الناس أنك ترى أقواما جلسوا على صفة القوم يطلبون الفتوح فيأتهم منها الكثير الذي يصيرون به من الأغنياء و هم لا يمتنعون من أخذ زكاة و لا من طلب .
و كذلك القصاص يخرجون إلى البلاد و يطلبون فيحصل لهم المال الكثير فلا يتركون الطلب عادة .
فيا سبحان الله أي شيء أفاد العلم بل الجهل كان لهؤلاء أعذر .
و من أقبح أحوالهم لزومهم الأسباب التي تجلب لهم الدنيا من التخاشع و التنسك في الظاهر و ملازمة حث العزلة عن المخالطة و كل هؤلاء بمعزل عن الشرع .
و لقد تأملت على بعضهم من القدح في نظيره إلى أن يبلغ به إلى التعرض به للهلاك .
فالويل لهم ما أقل ما يتمتعون بظواهر الدنيا و إن كان مقلب القلوب قد صرف القلوب عن محبتهم لأن الحق D لا يميل بالقلوب إلا إلى المخلصين .
فقد فاتتهم الدنيا على الحقيقة و ما حصلوا إلا صورة الحطام .
نسأل الله D عقلا يدبر دنيانا و يحصل لنا آخرتنا و الرزاق قادر