وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

250 - ـ فصل : الناس بين العلم و الجهل .
نظرت إلى الناس فرأيتهم ينقسمون بين عالم و جاهل .
فأما الجهال فانقسموا فمنهم سلطان قد ربي في الجهل و لبس الحرير و شرب الخمور و ظلم الناس و له عمال على مثل حاله فهؤلاء بمعزل عن الخير بالجملة .
و منهم تجار همتهم الإكتساب و جمع الأموال و أكثرهم لا يؤدي الزكاة و لا يتحاشى من الربا فهؤلاء في صور الناس .
و منهم أرباب معاش يطففون المكيال و يخسرون الميزان و يبخسون الناس و يتعاملون بالربا و هم في الأسواق طوال النهار لا همة لهم إلا ما هم فيه فإذا جاء الليل وقعوا نياما كالسكارى فهمة أحدهم ما يأكل و يلتذ به و ليس عندهم من الصلاة خبر فإن صلى أحدهم نقرها أو جمع بينها فهؤلاء في عدد البهائم .
و من الناس ذو رذالة في جميع أحوالهم فهذا كناس و هذا زبال و هذا نخال و هذا يكسح الحش فهؤلاء أرذل القوم و منهم من يطلب اللذات و لا يساعده المعاش فيخرج إلى قطع الطريق و هؤلاء أحمق الجماعة إذ لا عيش لهم .
فإن إلتذوا لحظة بأكل أو شرب فحركة الريح قصبة هربوا خوفا من السلطان و ما أقل بقاءهم ثم القتل و الصلب مع إثم الآخرة .
و منهم أرباب قرى قد عمهم الجهل و أكثرهم لا يتحاشى من نجاسة فهم في زمرة البقر .
و رأيت النساء ينقسمن أيضا فمنهن المستحسنة التي تبغي و منهن الخائنة لزوجها في ماله .
و منهن من لا تصلي و لا تعرف شيئا من الدين فهؤلاء حشوا النار .
فإذا سمعن موعظة فإنها كما مرت على حجر إذا قرئ عندهن القرآن فكأنهن يسمعن السمر .
و أما العلماء فالمبتدئون منهم ينقسمون إلى ذي نية خبيثة يقصد بالعلم المباهاة لا العمل و يميل إلى الفسق ظنا إن العلم يدفع عنه و إنما هو حجة عليه .
و أما المتوسطون و المشهورون فأكثرهم يغشى السلاطين و يسكت عن إنكار المنكر .
و قليل من العلماء من تسلم له نيته و يحسن قصده .
فمن أراد الله به خيرا رزقه حسن القصد في طلب العلم فهو يحصله لينتفع به و ينفع و لا يبالي بعمل مما يدل عليه العلم .
فتراه يتجافى أرباب الدنيا و يحذر مخالطة العوام و يقنع بالقليل خوفا من المخاطرة في الدنيا في تحصيل الكثير .
و يؤثر العزلة فليس مذكرا للآخرة مثلها .
و ليس على العالم أضر من الدخول على السلاطين فإنه يحسن للعالم الدنيا و يهون عليه المنكر .
و ربما أراد أن ينكر فلا يصح له فإن عدم القناعة و غلبت نفسه في طلب فضول الدنيا سلم عليه لأنه يتعرض بأربابها .
و إن الإنسان ليمشي في السوق ساعة فينسى بما يرى ما يعلم فكيف إذا انضم إلى ذلك التردد إلى الأغنياء و الطمع في أموالهم .
فأما الوحدة فإنها سبب رجوع القلب و جمع الهم و النظر في العواقب و التهيؤ للرحيل و تحصيل الزاد .
فإذا انضمنت إليها القناعة جلبت الأحوال المستحسنة .
و لا تحسن اليوم المجالسة إلا لكتاب يحدثك عن أسرار السلف .
فأما مجالسة العلماء فمخاطرة إذ لا يجتمعون على ذكر الآخرة في الأغلب .
و مجالسة العوام فتنة للدين إلا أن يتحرز في مجالسهم و يمنعهم من القول فيقول هو و يكلفهم السماع .
ثم يستوفز للبعد عنهم و لا يمكن الإنقطاع الكلي إلا بقطع الطمع و لا ينقطع الطمع إلا بالقناعة باليسير أو يتجر بتجارة أو أن يكون له عقار يستغله .
فإنه متى احتاج تشتت الهم و متى إنقطع العالم عن الخلق و قطع طمعه فيهم و توفر على ذكر الآخرة فذاك الذي ينفع و ينتفع به و الله الموفق