وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

283 - ـ فصل : الكمال للخالق وحده .
سألني سائل قد قال بعض الحكماء : من لم يحترز بعقله هلك بعقله فما معنى هذا ؟ فبقيت مدة لا ينكشف لي المعنى ثم إتضح .
و ذلك أنه إذا طلبت معرفة ذات الخالق سبحانه من العقل فزع إلى الحس فوقع التشبيه .
فالاحتراز من العقل بالعقل هو أن ينظر فيعلم أنه لا يجوز أن يكون جسما و لا شبها لشيء .
و إذا نظر العاقل إلى أفعال الباري سبحانه رأى أشياء لا يقتضيها العقل مثل الآلام و الذبح للحيوان و تسليط الأعداء على الأولياء مع القدرة على المنع و الابتلاء بالمجاعة للصالحين و المعاقبة على الذنب بعد البعد بزلة و أشياء كثيرة من هذا الجنس يعرضها العقل على العادات في تدبيره فيرى أنه لا حكمة تظهر له فيها .
أن يقال له : أليس قد ثبت عندي أنه مالك و أنه حكيم و أنه لا يفعل فيقول : بلى .
فيقال : فنحن نحترز من تدبيرك الثاني بما ثبت عندك في الأول .
فلم يبق إلا أنه خفي عليك وجه الحكمة في فعله .
فيجب التسليم له لعلمنا أنه حكيم .
حينئذ يذعن و يقول : قد سلمت .
و كثير من الخلق نظروا لمقتضى واقع العقل الأول فاعترضوا .
حتى إن العامي يقول : كيف قصى على سوء عاقبتي ؟ و لم ضيق رزقي ؟ .
و ما وجه الحكمة في إبتلائي بفنون البلاء ؟ .
و لو أنه تلمح أنه مالك حكيم لم يبق إلا التسليم لما خفي .
و لقد أنس ببديهة العقل خلق من الأكابر أولهم إبليس فإنه رأى تفضيل النار على الطين فاعترض .
و رأينا خلقا ممن نسب إلى العلم قد زلوا في هذا و إعترضوا و رأوا أن كثيرا من الأفعال لا حكمة تحتها .
و السبب ما ذكرنا و هو الأنس بنظر العقل في البديهة و العادات و القياس على أفعال المخلوقين .
و لو استخرجوا علم العقل الباطن و هو أنه قد ثبت الكمال للخالق و انتفت عنه النقائض و علم انه حكيم لا يعبث لبقي التسليم لما لا يعقل .
و اعتبر هذا بحال الخضر و موسى عليهما السلام لما فعل الخضر أشياء تخرج عن العادات أنكر موسى و نسي إعلامه له بأني أنظر فيما لا تعلمه من العواقب .
فإذا خفيت مصلحة العواقب على موسى عليه السلام مع مخلوق فأولى أن يخفى علينا كثير من حكمة الحكيم .
و هذا أصل إن لم يثبت عند الإنسان أخرجه إلى الإعتراض و الكفر و إن ثبت إستراح عند نزول كل آفة