وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

315 - ـ فصل : رؤية حقيقة الأشياء .
قد جاء في الأثر : اللهم أرنا الأشياء كما هي و هذا كلام حسن غاية و أكثر الناس لا يرون الأشياء بعينها فإنها يرون الفاني كأنه باق و لا يكادون يتخايلون زوال ما هم فيه و إن علما ذلك .
إلا أن عين الحس مشغولة بالنظر إلى الحاضر .
ترى زوال اللذة و بقاء إثمها و لو رأى اللص قطع يده هان عنده المسروق فمن جمع الأموال و لم ينفقها فما رآها بعينها إذ هي آلة لتحصيل الأعراض لا تراد لذاتها .
و من رأى المعصية بعيني الشهوة فما رآها إذ فيها من العيوب ما شئت ثم ثمرتها عقوبة آجلة و فضيحة عاجلة .
و انظر إلى أكبر شهوات الحس و هو الوطء فإنه الماء لا يحصل إلا بعد مطعم و مشرب .
و من تفكر في المطعم نظر إلى حرث الأرض و أنها تفتقر إلى بقر للحراثة عليهن المحراث و هو حديد و معه خشب و يتعلق به حبال .
فمن تفكر في عمل الحبال نظر في زرع القنب و تسريحه و فتله و الحديد و جلبه و ضربه و الخشب و نباته و نجارته و دوران الدولاب و عمله ثم إستحصاد الزرع و حصده و تذريته و طحنه و عجنه و خبزه و من عمل التنور و جلب الشوك .
و من هذا الجنس إذا نظر فيه كثر جدا حتى قالوا لا تنال لقمة إلا وقد عمل فيها ثلاثمائة نفس أو نحوهم .
فإذا أكل تلك اللقمة فليفكر في خلق الأنسان لقطعها و الأضراس لطحنها و عذوبة ماء الفم لخلطها و اللسان ليقلبها و عضلات الفم يصعد منها شيء و يبقي شيء حتى يصلح البلع .
ثم يتناولها المعي فيوصلها إلى الكبد فيقوم طابخا لها فإذا صارت دما نفت رسوبها إلى الطحال و مائتيها إلى المثانة و استخلصت من أخلص الدم و أصفاه للكبد و الدماغ و القلب .
و أخذت أجود ذلك فحدرته إلا الأثنيين معدا لخلق آدمي .
فإذا تحركت نيران الشهوة تدفقت تلك النطفة و قد حكم الشرع بطهارتها و حكم لها بطهارة الرحم و المحل الذي يباشره الذكر فيخلق منها الآدمي الموحد .
فما جاء هذا لشخص إلا بأعلى الغلاء و بعد عجائب أشرنا إليها لأننا عددناها .
أفمن فهم هذا يحسن منه أن يبدد تلك النطفة في حرام أو أن يطأ في محل نجس فتضيع ؟ .
فكم يتعلق بالزنا من لا يفي معشار عشرها بلذة لحظة منها هتك العرض بين الناس و كشف العورات كالمحرمة و خيانة الأخ المسلم في زوجته إن كانت متزوجة و فضيحة المزني بها و هي كأخت له أو بنت .
فإن علقت منه و لها زوج ألحقته بذلك الزوج و كان هذا الزاني سببا في ميراث من لا يستحق و منع من يستحق .
ثم يتسلسل ذلك من ولد إلى ولد .
و أما سخط الحق سبحانه فمعلوم قال تعالى : { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ ما من ذنب ـ بعد الشرك ـ أعظم عند الله تعالى من نطفة وضعها رجل في رحم لا تحل له ] .
و من له فهو يعلم أن المراد من النطفة إيجاد الموحدين .
و لولا تركيب الشهوة لم يقع الوطء لأنه إلتقاء عضوين غير مستحسنين و لا صورتهما حسنة و لا ريحهما طيب .
و إنما الشهوة تغطي عين الناظر ليحصل الولد أصلا فهي عارض .
فمن طلب الشهوة و نسي جنايته بالزنا فما رأى الأشياء على ما هي .
و قس على هذا المطعم و المشرب و جمع المال و غير ذلك