وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

340 - ـ فصل : يغوص البحر من طلب اللآلي .
ما يتناهى في طلب العلم إلا عاشق العلم و العاشق ينبغي أن يصبر على المكاره .
و من ضرورة المتشاغل به البعد عن الكسب و مذ فقد التفقد لهم من الأمراء و من الإخوان لازمهم الفقر ضرورة .
و الفضائل تنادي { هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا } .
فكلما خافت من ابتلاء قالت : .
( لا تحسب المجد تمرا أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا ) .
و لما آثر أحمد بن حنبل Bه طلب العلم و كان فقيرا أبقي أربعين سنة يتشاغل به و لا يتزوج فينبغي للفقير أن يصابر فقره كما فعل أحمد .
و من يطيق ما أطاق ؟ فقد رد من المال خمسين ألفا و كان يأكل الكامخ و يتأدم بالملح .
فما شاع له الذكر الجميل جزافا و لا ترددت الأقدام إلى قبره إلا لمعنى عجيب .
فيا له ثناء ملأ الآفاق و جمالا زين الوجود و عزا نسخ كل ذل .
هذا في العاجل و ثواب الآجل لا يوصف .
و تلمح قبور أكثر العلماء لا تعرف و لا تزار ترخصوا و تأولوا و خالطوا السلاطين فذهبت بركة العلم و محى الجاه و وردوا عند الموت حياض الندم .
فيا لها حسرات لا تتلافى و خسرانا لا ينجبر و كانت صحبة اللذات طرفة عين و لازم الأسف دائما .
فالصبر الصبر أيها الطالب للفضائل فإن لذة الراحة بالهوى أو بالبطالة تذهب و يبقى الأسى و قال الشافعي رضي الله تعالى عنه : .
( يا نفس ما هو إلا صبر أيام ... كأن مدتها أضغاث أحلام ) .
( يا نفس جوزي عن الدنيا مبادرة ... و خل عنها فإن العيش قدامي ) .
ثم أيها العالم الفقير أيسرك ملك سلطان من السلاطين و أن ما تعلمه من العلم لا تعلمه ؟ .
كلا ما أظن بالمتيقظ أن يؤثر هذا .
ثم أنت إذا وقع لك مستحسن أو معنى عجيب تجد لذة لا يجدها ملتذ باللذات الحسية .
فقد حرم من رزق الشهوات ما قد رزقت و قد شاركتهم في قوام العيش و لم يبق إلا الفضول الذي إذا أخذ لم يكد يضر .
ثم هم على المخاطرة في باب الآخرة غالبا و أنت على السلامة في الأغلب .
فتلمح يا أخي عواقب الأحوال و اقمع الكسل المثبط عن الفضائل .
فإن كثير من العلماء الذين ماتوا مفرطين يتقلبون في حسرات و أسف .
رأى رجل شيخنا ابن الزغواني في المنام فقال له الشيخ : أكثر ما عندكم الغفلة و أكثر ما عندنا الندامة .
فأهرب وفقك الله قبل الحبس و فسخ عقد الهوى على الغبن الفاحش .
و اعلم أن الفضائل لا تنال بالهوينا و أن يسير التفريط يشين وجه المحاسن .
فالبدار البدار و نفس النفس يتردد و ملك الموت غائب ما قدم بعد و انهض بعزيمة عازم .
( إذا هم ألقى بين عينيه عزمة ... و نكب عن ذكر العاقب جانبا ) .
( و لم يستشر في أمره غير نفسه ... و لم يرض إلا قائم السيف صاحبا ) .
و ارفض في هذه العزيمة الدنيا و أربابها فبارك الله لأهل الدنيا في دنياهم فنحن الأغنياء و هم الفقراء .
كما قال إبراهيم بن أدهم : [ و لو علم الملوك و أبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ] .
فأبناء الدنيا أحدهم لا يكاد يأكل لقمة إلا حراما أو شبهة .
و هو و إن لم يؤثر فوكيله يفعله و لا يبالي هو بقلة دين وكيله .
وإن عمروا دارا سخروا الفعلة و إن جمعوا مالا فمن وجوه لا تصلح ثم كل منهم خائف أن يقتل أو يعزل أو يشتم فعيبهم نقص .
و نحن نأكل ما ظاهر الشرع يشهد له بالإباحة و لا نخاف من عدو و لا ولايتنا تقبل العزل .
و العز في الدنيا لنا لا لهم و إقبال الخلق علينا و تقبيل أيدينا و تعظيمنا عندهم كثير .
و في الآخرة بيننا و بينهم تفاوت إن شاء الله تعالى .
فإن لفت أرباب الدنيا أعناقهم يعلمون قدر مزيتنا .
و إن غلت أيديهم عن إعطائنا فلذة العفاف أطيب و مرارة المنن لا تفي بالمأخوذ و إنما هو طعام دون طعام و لباس دون لباس و إنها أيام قلائل .
و العجب لمن شرقت نفسه حتى طلب العلم إذ لا يطلبه إلا ذو نفس شريفة كيف بذل لبذل من لا عزة إلا بالددنانير و لا مفخرة له إلا بالمكنة و لقد أنشدني أبو يعلى العلوي : .
( رب قوم في خلائقهم ... عرر قد صيروا غررا ) .
( ستر المال القبيح لهم ... سترى ـ إن زال ـ ما سترا ) .
أيقظنا الله من رقدة الغافلين و رزقنا فكر المتيقظين .
و وفقنا للعمل بمقتضى العلم و العقل إنه قريب مجيب