وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

42 - ـ فصل : الإنسان و الملك .
ما أزال اتعجب ممن يرى تفضيل الملائكة على الأنبياء و الأولياء فإن كان التفضيل بالصورة فصورة الآدمي أعجب من ذوي أجنحة .
و إن تركت صورة الآدمي لأجل أوساخها المنوطة بها فالصورة ليست الآدمي إنما هي قالب ثم استحسن منها ما يستقبح في العبادة مثل خلوف فم الصائم و دم الشهداء و النوم في الصلاة فبقيت صورة معمورة و صار الحكم للمعنى .
ألهم مرتبة يحبهم أو فضيلة يباهى بهم و كيف دار الأمر فقد سجدوا لنا .
و هو صريح في تفضيلنا عليهم فإن كانت الفضيلة بالعلم فقد علمت القصة يوم { لا علم لنا } { يا آدم أنبئهم } .
و إن فضلت الملائكة بجوهرية ذواتهم فجوهرية أرواحنا من ذلك الجنس و علينا أثقال أعباء الجسم .
بالله لولا احتياج الراكب إلى الناقة فهو يتوقف لطلب علفها و يرفق في السير بها لطرق أرض منى قبل العشر .
واعجبا أتفضل الملائكة بكثرة التعبد ! فما ثم صعاد .
أو يتعجب من الماء إذا جرى أو من منحدر يسرع ؟ إنما العجب من مصاعد يشق الطريق و يغالب العقبات .
بلى قد يتصور منهم الخلاف و دعوى الإلهية لقدرتهم على دك الصخور و شق الأرض لذلك توعدوا : { و من يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم } لكنهم يعلمون عقوبة الحق فيحذرونه .
فأما بعدنا عن المعرفة الحقيقية و ضعف يقيننا بالناهي و غلبة شهوتنا مع الغفلة يحتاج إلى جهاد أعظم من جهادهم .
تالله لو ابتلى أحد المقربين بما ابتلينا به لم يقدر على التماسك .
يصبح أحدنا و خطاب الشرع يقول له : الكسب لعائلتك و احذر في كسبك و قد تمكن منه ما ليس من فعله كحب الأهل و علوق الولد بنياط القلب و احتياج بدنه إلى ما لا بد منه .
فتارة يقال للخليل عليه السلام : [ اذبح ولدك بيدك و اقطع ثمرة فؤادك بكفك ثم قم إلى المنجنيق لترمي في النار ] .
و تارة يقال لموسى عليه السلام : [ صم شهرا ليلا و نهارا ] .
ثم يقال للغضبان : اكظم و للبصير اغضض و لذي المقول اصمت و لمستلذ النوم تهجد و لمن مات حبيبه اصبر و لمن أصيب في بدنه أشكر و للواقف في الجهاد بين اثنين لا يحل أن تفر .
ثم اعلم أن الموت يأتي بأصعب المرارات فينزع الروح عن البدن فإذا نزل فاثبت .
و اعلم أنك ممزق في القبر فلا تتسخط لأنه مما يجري به القدر .
و إن وقع بك مرض فلا تشك إلى الخلق .
فهل للملائكة من هذه الأشياء شيء ؟ و هل ثم إلا عبادة ساذجة ليس فيها مقاومة طبع و لا رد هوى ؟ .
و هل هي إلا عبادة صورية بين ركوع و سجود و تسبيح ؟ فأين عبادتهم المعنوية من عبادتنا ؟ ثم أكثرهم في خدمتنا بين كتبة علينا و دافعين عنا و مسخرين لإرسال الريح و المطر و أكبر وظائفهم الاستغفار لنا .
فكيف يفضلون علينا بلا علة ظاهرة ؟ .
و إذا ما حكت على محك التجارب طائفة منهم مثل ما روى عن هاروت و ماروت فخرجوا أقبح من بهرج .
و لا تظنن أني أعتقد في تعبد الملائكة نوع تقصير لأنهم شديد و الإشفاق و الخوف لعلمهم بعظمة الخالق لكن طمأنينة من لم يخطئ تقوى نفسه و انزعاج الغائص في الزلل يرقي روحه إلى التراقي .
فاعرفوا إخواني شرف أقداركم و صونوا جواهركم عن تدنيسها بلوم الذنوب فأنتم معرض الفضل على الملائكة فاحذروا أن تحطكم الذنوب إلى حضيض البهائم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم