وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

48 - ـ فصل : إصلاح البدن سبب لإصلاح الدين .
رأيت نفسي كلما صفا فكرها أو اتعظت بدارج او زادت قبور الصالحين تترك همتها في طلب العزلة و الإقبال على معاملة الله تعالى .
فقلت لها يوما و قد كلمتني في ذلك : حدثني ما مقصودك ؟ و ما نهاية مطلوبك ؟ .
اتراك تريدين مني أن أسكن قفرا لا أنيس به فتفوتني صلاة الجماعة و يضيع مني ما قد علمته لفقد من أعلمه ؟ .
و أن آكل الجشب الذي أتعوده فيقع نضوى طلحا في يومين ؟ .
و أن ألبس الخشن الذي لا أطيقه فلا أدري من كرب محمولي من أنا ؟ و أن أتشاغل عن طلب ذرية تتعبد بعدي بقاء القدرة على الطلب .
با الله ما نفعني العلم الذي بذلت فيه عمري إن وافقتك و أنا أعرفك غلط ما وقع لك بالعلم .
اعلمي أن البدن مطية و المطية إذا لم يرفق بها لم تصل براكبها إلى المنزل و ليس مرادي بالرفق الإكثارمن الشهوات و إنما أغنى أخذ البلغة الصالحة للبدن فحينئذ يصفو الفكر و يصح العقل و يقوى الذهن .
ألاترى إلى تأثير المعوقات عن صفاء الذهن في قوله عليه الصلاة و السلام : [ لا يقضي القاضي بين اثنين و هو غضبان ] و قاس العلماء على ذلك الجوع و ما يجري مجراه من كونه حاقنا او حاقبا .
و هل الطبع إلا ككلب يشغله الآكل ؟ فإذا رمى له ما يتشاغل به طاب له الكل فأما الإنفراد و العزلة فعن الشر لا عن الخير .
و لو كان فيها لك وقع خير لنقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و عن أصحابه Bهم .
هيهات لقد عرفت أن أقواما ما دام بهم التقلل و اليبس إلى تغير فكرهم و قوى الخلط السوداوي عليهم فاستوحشوا من الناس و منهم من اجتمعت له من المآكل الردية أخلاط مجة فبقي اليوم و اليومين و الثلاثة لا يأكل و هو يظن ذلك من أمداد اللطف و إذا به من سوء الهضم .
و فيهم من ترقي به الخلط إلى رؤية الأشباح فيظنها الملائكة .
فا الله الله في العلم وا الله الله في العقل فإن نور العقل لا ينبغي أن يتعرض لإطفائه و العلم لا يجوز الميل إلىتنقيصه .
فإذا حفظا حفظا و ظائف الزمان و دفعا ما يؤذي و جلبا ما يصلح و صارت القوانين مستقيمة في المطعم و المشرب و المخالطة .
فقالت لي النفس : فوظف لي و ظيفة و احسبني مريضا قد كتبت له بشربه .
فقلت لها : قد دللتك على العلم و هو طبيب ملازم يصف كل لحظة لكل داء يعرض دواء يلائم .
و في الجملة ينبغي لك ملازمة تقوى الله D في المنطق و النظر و جميع الجوارح و تحقق الحلال في المطعم و إيداعي كل لحظة ما يصلح لها من الخير و مناهبة الزمان في الأفضل و مجانبة [ ما يؤدي إلى ] ما يؤدي من نقص ربح أو وقوع خسران .
و لا تعملي عملا إلا بعد تقديم النية .
تأهبي لمزعج الموت فكان قدوما عندك من مجيئه في أي و قت يكون .
و لا تتعرض لمصالح البدن بل وفريها عليه و ناوليه إياها على قانون الصواب لا على مقتضى الهوى فإن إصلاح البدن سبب لإصلاح الدين .
و دعي الرعونة التي يدل عليها الجهل لا العلم من قول النفس فلان يأكل الخل و البلق وفلان لا ينام الليل فاحملي ما تطيقين و ما قد علمت قوة البدن عليه .
[ فإن البهيمة إذا أقبلت إلى نهر أو ساقية فضربت لتقفز لم تفعل حتى تزن نفسها .
فإن علمت فيها قوة الطفر طفرت و إن علمت أنها لا تطيق لم تفعل ] و لو قتلت .
و ليس كل الأبدان تتساوى في افطاقة و لقد حمل اقوام من المجاهدات في بداياتهم أشياء أوجبت أمراضا قطعتهم عن خير و تسخطت قلوبهم بوقوعها فعليك بالعلم فإنه شفاء من بالعلم فإنه شفاء من كل داء و الله الموفق