وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

60 - ـ فصل : دع التصنع في الوعظ .
تأملت أشياء تجري في مجالس الوعظ يعتقدها العوام و جهال العلماء قربة و هي منكر و بعد .
و ذاك أن المقرئ يطرب و يخرج الألحان إلى الغناء و الواعظ ينشد بتطريب أشعار المجنون و ليلى فيصفق هذا و يخرق ثوبه هذا و يعتقدون أن ذلك قربة و معلوم أن هذه الألحان كالموسيقى توجب طربا للنفوس و نشوة فالتعرض بما يوجب الفساد غلط عظيم .
و ينبغي الإحتساب على الوعاظ في هذا و كذلك المقابريون منهم فإنهم يهيجون الأحزان ليكثر بكاء النساء فيعطون على ذلك الأجرة .
و لو أنهم أمروا بالصبر لم ترد النسوة ذلك و هذه أضداد للشرع .
قال ابن عقيل : [ حضرنا عزاء رجل قد مات فقرأ المقرئ : { يا أسفى على يوسف } فقلت له : [ هذه نياحة بالقرآن ] .
و في الوعاظ من يتكلم على طريق المعرفة و المحبة فترى الحائك و السوقي الذي لا يعرف فرائض تلك الصلاة يمزق أثوابه دعوى لمحبة الله تعالى .
و الصافي حالا منهم ـ و هو أصلحهم ـ يتخايل بوهمه شخصا هو الخالق فيبكيه شوقه إليه لما يسمع من عظمته و رحمته و جماله .
و ليس ما يتخايلونه المعبود لأن المعبود لا يقع في خيال .
و بعد هذا فالتحقيق مع العوام صعب و لا يكادون ينتفعون بمر الحق إلا أن الواعظ مأمور بألا يتعدى الصواب و لا يتعرض لما يفسدهم بل يجذبهم إلى ما يصلح بألطف وجه و هذا يحتاج إلى صناعة فإن من العوام من يعجبه حسن اللفظ و منهم من يعجبه الإشارة و منهم من ينقاد ببيت من الشعر .
و أحوج الناس إلى البلاغة الواعظ ليجمع مطالبهم لكنه ينبغي أن ينظر في اللازم الواجب و أن يعطيهم من المباح في اللفظ قدر الملح في الطعام ثم يجتذبهم إلى العزائم و يعرفهم الطريق الحق .
و قد حضر أحمد بن حنبل فسمع كلام الحارث المحاسبي فبكى ثم قال : [ لا يعجبني الحضور ] و إنما بكى لأن الحال أوجبت البكاء .
و قد كان جماعة من السلف يرون تخليط القصاص فينهون عن الحضور عندهم .
و هذا على الإطلاق لا يحسن اليوم لأنه كان الناس في ذلك الزمان متشاغلين بالعلم فرأوا حضور القصص صادا لهم و اليوم كثر الإعراض عن العلم فأنفع ما للعامي مجلس الوعظ يرده عن ذنب و يحركه إلى توبة و إنما الخلل في القاص فليتق الله D