وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

67 - ـ فصل : في الأسباب و المسببات .
قلوب العارفين يغار عليها من الأسباب و إن كانت لا تساكنها لأنها لما إنفردت لمعرفتها أنفرد لها بتولي أمورها .
فإذا تعرضت بالأسباب محى أثر الأسباب : { و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا } .
و تأمل في حال يعقوب و حذره على يوسف عليهم السلام حتى قال : { أخاف أن يأكله الذئب } فقالوا : { أكله الذئب } .
فلما جاء أوان الفرج خرج يهوذا بالقميص فسبقه الريح { إني لأجد ريح يوسف } .
و كذلك قول يوسف عليه السلام للساقي : { اذكرني عند ربك } فعوقب بأن لبث سبع سنين و إن كان يوسف عليه السلام يعلم أنه لا خلاص إلا بإذن الله و أن التعرض بالأسباب مشروع غير أن الغيرة أثرت في العقوبة .
و من هذا قصة مريم عليها السلام { و كفلها زكريا } فغار المسبب من مساكنة الأسباب { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا } .
و من هذا القبيل ما يروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ أبى الله أن يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب ] .
و الأسباب طريق و لا بد من سلوكها و العارف لا يساكنها غير أنه يجلي له من أمرها ما لا يجلي لغيره من أنها لا تساكن و ربما عوقب إن مال إليها و إن كان ميلا لا يقبله غير أن أقل الهفوات يوجب الأدب و تأمل عقبي سليمان عليه السلام لما قال : [ لأطوقن الليلة على مائة إمرأة تلد كل واحدة منهن غلاما و لم يقل : إن شاء الله فما حملت إلا واحدة جاءت بشق غلام ] .
و لقد طرقني حالة أوجبت التشبث ببعض الأسباب إلا أنه كان من ضرورة ذلك لقاء بعض الظلمة و مداراته بكلمة فبينا أنا أفكر في تلك الحال دخل علي قارئ فاستفتح فتفاءلت بما يقرأ فقرأ { و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار و ما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون } .
فبهت من إجابتي على خاطري و قلت لنفسي : إسمعي فإنني طلبت النصر في هذه المداراة فأعلمني القرآن أنني إذا ركنت إلى ظالم فاتنى ما ركنت لأجله من النصر .
فيا طوبى لمن عرف المسبب و تعلق به فإنها الغاية القصوى فنسأل الله أن يرزقنا