وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

العاصي خير من صولة المطيع . وكان أبو العباس المرسي ربما دخل عليه المطيع فلا يعبأ به وربما دخل عليه العاصي فيكرمه لمشاهدته أن الطائع أتى وهو متكبر بعمله ناظر لفعله والعاصي دخل عليه بذلة مخالفته ومشاهدة معصيته . فينبغي أن لا ينظر العبد إلى صور الأشياء بل إلى حقائقها . فإن أعمال البر والطاعة ليست مشروعة لذاتها ولا مطلوبة لصورها بل لما احتوت عليه من التذلل والخشوع فإذا خلت من ذلك فخير منها المعصية التي تورث الخضوع .
( 97 ) نعمتان ما خرج موجود عنهما ولا بد لكل مكوَّن منهما : نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد .
يعني أنه لا بد لك مكوَّن - بفتح الواو المشددة - أي موجود من نعمتين لا يخرج عنهما : الأولى نعمة الإيجاد أي نعمة هي إيجاد الله إياه بعد العدم السابق والثانية نعمة هي إمداد بالمنافع التي تقتضي بقاء صورته وهيكله إلى أجل مسمى . فهو المنعم ابتداءً ودواماً . كما قال المصنف : .
ص 84 .
( 98 ) أنعم عليك أولاً بالإيجاد وثانياً بتوالي الإمداد .
وقد وجه الكلام في هذه الحكمة على طريق الخطاب ليستحضرهما الإنسان في نفسه ويعلم أن الإمداد متواصل لا يتخلله انقطاع فيعرف من نفسه الفاقة الذاتية وهي النتيجة التي قصدها المصنف من هذه المقدمات بقوله : .
( 99 ) فاقتك لك ذاتية وورود الأسباب مذكرات لك بما خفي عليك منها والفاقة الذاتية لا ترفعها العوارض .
أي إذا علمت أن العدم سابق على وجودك وأن وجودك مفتقر إلى المدد في كل وقت وإلا تلاشى وانعدم علمت أن فاقتك ذاتية لك وأن الاضطرار لازم لوجودك وأن ورود الأسباب كالفقر والمرض مذكرات لك بما خفي عليك من الفاقة الذاتية . فإن غالب الناس يغفلون عن الفاقة الذاتية إذا دامت عليهم صحة أبدانهم وكثرة أموالهم . بل قال بعضهم : إنما حمل فرعون على قوله : { أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى } ( 24 ) النازعات . طول العافية والغنى . فإنه لبث أربعمائة سنة لم يتصدع رأسه ولم يضرب عليه عرق ولو أخذته الشقيقة ساعة واحدة لشغله ذلك عن دعوى الربوبية . والفاقة الذاتية اللازمة للعبد لا ترفعها العوارض كالصحة والغنى فإنه يجوز في حقه تعالى أن يزيل ذلك . ويبدله بضده المقتضي للافتقار والاضطرار ولا يزايل العبد هذا الاضطرار لا في الدنيا ولا في الآخرة ولو دخل الجنة فهو محتاج إلى الله تعالى دائماً وأبداً وإذا لاحظ العبد ذلك وقف عند حده وقام بعبودية ربه وخاف من تهديد قوله تعالى : { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ } ( 12 ) يونس