وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

117 - قوله D : { لقد تاب الله على النبي } الآية تاب الله أي : تجاوز وصفح ومعنى توبته على النبي A بإذنه للمنافقين بالتخلف عنه وقيل : افتتح الكلام به لأنه كان سبب توبتهم فذكره معهم كقوله تعالى : { فأن لله خمسه وللرسول } ( الأنفال - 41 ) ونحوه { والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة } أي : في وقت العسرة ولم يرد ساعة بعينها وكانت غزوة تبوك تسمى عزوة العسرة والجيش يسمى جيش العسرة والعسرة : الشدة وكانت عليهم غزوة عسرة في الظهر والزاد والماء .
قال الحسن : كان العشرة منهم يخرجون على بعير واحد يعتقبونه يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك وكان زادهم التمر المسوس والشعير المتغير وكان النفر منهم يخرجون ما معهم إلا التمرات بينهم فإذا بلغ الجوع من أحدهما أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها ثم يشرب عليها جرعة من ماء كذلك حتى يأتي على آخرهم ولا يبقى من التمرة إلا النواة فمضوا مع رسول الله A إلى تبوك على صدقهم ويقينهم .
وقال عمر بن الخطاب : [ خرجنا مع النبي A إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع وحتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله إن الله قد عودك في الدعاء خيرا فادعوا الله لنا قال أتحب ذلك ؟ قل : نعم فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت السماء فأظلت ثم سكبت فملؤوا ما معهم ثم ذهبنا فلم نجدها جازت العسكر ] { من بعد ما كاد يزيغ } قرأ حمزة وحفص : { يزيغ } بالياء لقوله : { كاد } ولم يقل : كادت وقرأ الآخرون بالتاء والزيغ : الميل أي : من بعد ما / كاد تميل { قلوب فريق منهم } أي : قلوب بعضهم ولم يرد الميل عن الدين بل أراد الميل إلى التخلف والانصراف للشدة التي عليهم .
قال الكلبي : هم ناس بالتخلف ثم لحقوه .
{ ثم تاب عليهم } فإن قيل : كيف أعاد ذكر التوبة وقد قال في أول الآية : { لقد تاب الله على النبي } ؟ .
قيل : ذكر التوبة في أول الآية قبل ذكر الذنب وهو محض الفضل من الله D فلما ذكر الذنب أعاد التوبة والمراد منه قبولها .
{ إنه بهم رؤوف رحيم } قال ابن عباس : من تاب الله عليه لم يعذبه أبدا .
قوله D : { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } أي خلفوا عن غزوة تبوك وقيل : خلفوا أي : أرجىء أمرهم عن توبة أبي لبابة وأصحابه وهؤلاء الثلاثة هم : كعب بن مالك الشاعر ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية كلهم من الأنصار .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى ين بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك - وكان قائد كعب من بنيه حين عمي - قال : [ سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك قال كعب : لم أتخلف عن رسول الله A في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت عن غزوة بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنها إنما خرج رسول الله A يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله A ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها وكان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة ولم يكن رسول الله A يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله A في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله A كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ - يريد الديوان - قال كعب : فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله وغزا رسول الله A تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فتجهز رسول الله A والمسلمون معه فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا وأقول في نفسي : أنا قادر عليه إذا أردت فلم يزل يتمادى بي الأمر حتى اشتد بالناس الجد فأصبح رسول الله A والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت : أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت فلم يقدر لي ذلك فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله A فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله A حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك : ما فعل كعب ؟ فقال رجل من بني سلمة : يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفيه فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا فسكت رسول الله A .
قال كعب بن مالك : فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي فطفقت أتذكر الكذب وأقول : بماذا أخرج من سخطه غدا ؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي فلما قيل : إن رسول الله A قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء فيه كذب فأجمعت صدقة وأصبح رسول الله A قادما وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال : تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي : ما خلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ فقلت : بلى يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي من عذر والله ما كنت أقوى قط ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال رسول الله A : أما هذا .
فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك .
فقمت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي : والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله A بما اعتذر إليه المخلفون قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله A فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع وأكذب نفسي ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي أحد ؟ قالوا : نعم رجلان قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قبل لك فقلت : من هما قالوا : مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما لي .
قال : ونهى رسول الله A المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله A فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي أقبل على صلاتي أقبل إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه / فوالله ما رد علي السلام فقلت له : ياأبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله ؟ فسكت : فعدت له فنشدته فسكت فعدت فنشدته فقال : الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار .
قال : فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول : من يدل على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له نحوي حتى إذا جاءني دفع إلي كتابا من ملك غسان فقرأته فإذا فيه : أما بعد : فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسك فقلت لما قرأته : وهذا أيضا من البلاء فتيممت به التنور فسجرته .
حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول لرسول الله A يأتيني فقال : إن رسول الله A يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ فقال : لا بل اعتزلها ولا تقربها وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك ففلت لامرأتي إلحقي بأهلك وكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر .
قال كعب : فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله A فقالت : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ؟ قال : لا ولكن لا يقربك قالت : إنه والله ما به حركة إلى شيء والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا .
قال كعب : فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله A في امرأتك كما أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه فقلت : والله لا أستأذن فيها رسول الله A وما يدريني ما يقول لي رسول الله A إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب فلبثت بعد ذلك عشر ليالي حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله A عن كلامنا فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع يقول بأعلى صوته : ياكعب بن مالك أبشر فخررت لله ساجدا وعرفت أنه قد جاء فرج وآذن رسول الله A بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه ووالله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله A فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنؤنني بالتوبة ويقولون : ليهنك توبة الله .
علك قال كعب : حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله A جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة .
قال كعب : فلما سلمت على رسول الله A قال رسول الله A وهو يبرق وجهه من السرور : أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك ! قال قلت : أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله ؟ قال : لا بل من عند الله وكان رسول الله A إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله قال رسول الله A : أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر .
فقلت : يا رسول الله إنما نجاني الله بالصدق وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله A أحسن مما أبلاني ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله A إلى يومي هذا كذبا وإني لأرجو أن يخفظني الله فيما بقيت وأنزل الله على رسوله : { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار } إلى قوله : { وكونوا مع الصادقين } ] .
وروى إسحاق بن راشد عن الزهري بهذا الإسناد عن كعب قال : [ نهى رسول الله A عن كلامي وكلام صاحبي فلبثت كذلك حتى طال علي الأمر وما من شيء أهم إلي من أن أموت ولا يصلي علي رسول الله A أو يموت رسول الله A فأكون من الناس بتلك المنزلة فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلي علي ! وأنزل الله توبتنا على نبيه A حين بقى الثلث الأخير من الليل ورسول الله A عند أم سلمة وكانت أم سلمة محسنة في شأني معينة في أمري فقال رسول الله A : يا أم سلمة تيب على كعب قالت : أفلا أرسل إليه فأبشره ؟ قال : إذا يحطمكم الناس فيمنعونكم النوم سائر الليلة حتى إذا صلى A صلاة الفجر آذن بتوبة الله علينا ]