وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

قوله : ( ونقول : ان الله اتخذ إبراهيم خليلا وكلم الله موسى تكليما إيمانا وتصديقا وتسليما ) .
ش : قال [ الله ] تعالى : { واتخذ الله إبراهيم خليلا } وقال تعالى : { وكلم الله موسى تكليما } الخلة : كمال المحبة .
وأنكرت الجهمية حقيقة المحبة من الجانبين زعما منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث توجب المحبة ! وكذلك أنكروا حقيقة التكليم كما تقدم وكان أول من ابتدع هذا في الإسلام هو الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية فضحى به خالد بن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق بواسط خطب الناس يوم الأضحى فقال : أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما ثم نزل فذبحه وكان ذلك بفتوى أهل زمانه من علماء التابعين Bهم فجزاه الله عن الدين وأهله خيرا وأخذ هذا المذهب [ عن الجعد ] - الجهم بن صفوان فأظهره وناظر عليه وإليه أضيف قول : الجهمية فقتله مسلم بن أحوز أمير خراسان بها ثم انتقل ذلك إلى المعتزلة أتباع عمرو بن عبيد وظهر قولهم في أثناء خلافة المأمون حتى امتحن أئمة الإسلام ودعوهم إلى الموافقة لهم على ذلك وأصل هذا مأخوذ عن المشركين والصابئة وهم ينكرون أن يكون إبراهيم خليلا وموسى كليما لأن الخلة هي كمال المحبة المستغرقة للمحب كما قيل : .
( قد تخللت مسلك الروح مني ... ولذا سمي الخليل خليلا ) .
ولكن محبته وخلته كما يليق به تعالى كسائرصفاته ويشهد لما دلت عليه الآية الكريمة ما ثبت في الصحيح [ عن أبي سعيد الخدري عن النبي A قال : لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله ] يعني نفسه وفي رواية : [ إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ولو كنت [ متخذا ] من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ] وفي رواية : [ إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ] فبين A أنه لا يصلح له أن يتخذ من المخلوقين خليلا وأنه لو أمكن ذلك لكان أحق الناس به أبو بكر الصديق مع أنه A قد وصف نفسه بأنه يحب أشخاصا كقوله لمعاذ : [ والله إني لأحبك ] وكذلك قوله للأنصار وكان زيد بن حارثة حب رسول الله A وابنه أسامة حبه وأمثال ذلك وقال له عمرو بن العاص : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة قال : فمن الرجال ؟ قال : أبوها فعلم أن الخلة أخص من مطلق المحبة والمحبوب بها لكمالها يكون محبا لذاته لا لشيء آخر إذ المحبوب لغيره هو مؤخر في الحب عن ذلك الغير ومن كمالها لا تقبل الشركة [ ولا ] المزاحمة لتخللها المحبة ففيها كمال التوحيد وكمال الحب ولذلك لما اتخذ الله إبراهيم خليلا وكان إبراهيم قد سأل ربه أن يهب له ولدا صالحا فوهب له اسماعيل فأخذ هذا الولد شعبة من قلبه فغار الخليل على قلب خليله أن يكون فيه مكان لغيره فامتحنه به بذبحه ليظهر سر الخلة في تقديمه محبة خليله على محبة ولده فلما استسلم لأمر ربه وعزم على فعله فظهر سلطان الخلة في الإقدام على ذبح الولد إيثارا لمحبة خليله على محبته نسخ الله ذلك عنه وفداه بالذبح العظيم لأن المصلحة في الذبح كانت ناشئة من العزم وتوطين النفس على ما أمر فلما حصلت هذه المصلحة عاد الذبح نفسه مفسدة فنسخ في حقه وصارت الذبائح والقرابين من الهدايا والضحايا سنة في أتباعه إلى يوم القيامة وكما أن منزلة الخلة الثابتة لإبراهيم صلوات الله عليه قد شاركه فيها نبينا A كما تقدم كذلك منزلة التكليم الثابتة لموسى صلوات الله عليه قد شاركه فيها نبينا A كما ثبت ذلك في حديث الإسراء .
وهنا سؤال مشهور وهو : أن النبي A أفضل من إبراهيم A فكيف طلب له من الصلاة مثل ما لإبراهيم مع أن المشبه به أصله أن يكون فوق المشبه ؟ وكيف الجمع بين هذين الأمرين المتنافيين ؟ وقد أجاب عنه العلماء بأجوبة عديدة يضيق هذا المكان عن بسطها وأحسنها : أن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم فإذا طلب للنبي A ولآله من الصلاة مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء حصل لآل محمد ما يليق بهم لأنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء وتبقى الزيادة التي للأنبياء وفيهم إبراهيم لمحمد A فيحصل له من المزية ما لم يحصل لغيره وأحسن من هذا : أن النبي A من آل ابراهيم بل هو أفضل آل ابراهيم فيكون قولنا : كما صليت على [ آل ] ابراهيم - متناولا الصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم وهو متناول لإبراهيم أيضا كما في قوله تعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين } فإبراهيم وعمران دخلا في آل ابراهيم وآل عمران وكما في قوله تعالى : { إلا آل لوط نجيناهم بسحر } فإن لوطا داخل في آل لوط وكما في قوله تعالى : { إذ نجيناكم من آل فرعون } وقوله : { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } فإن فرعون داخل في آل فرعون ولهذا والله أعلم أكثر روايات حديث الصلاة على النبي A إنما فيها كما صليت على آل إبراهيم وفي كثير منها : كما صليت على إبراهيم ولم يرد : كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلا في قليل من الروايات ومما ذلك إلا لأن في قوله : كما صليت على إبراهيم يدخل آله تبعا وفي قوله : كما صليت على آل إبراهيم هو داخل آل إبراهيم وكذلك [ لما جاء أبو أوفى Bه بصدقة إلى النبي A دعا له النبي A وقال : اللهم صل على آل أبي أوفى ] ولما كان بيت إبراهيم عليه السلام أشرف بيوت العالم على الإطلاق خصهم الله بخصائص : منها : أنه جعل فيه النبوة والكتاب فلم يأت بعد إبراهيم نبي إلا من أهل بيته ومنها : أنه سبحانه جملهم أئمة يهدون بأمره إلى يوم القيامة فكل من دخل الجنة من أولياء الله بعدهم فإنما دخل من طريقهم وبدعوتهم ومنها : أنه سبحانه اتخذ منهم الخليلين كما تقدم ذكره ومنها : أنه جعل صاحب هذا البيت إماما للناس قال تعالى : { إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } ومنها : أنه أجرى على يديه بناء بيته الذي جعله قياما للناس ومثابة للناس وأمنا وجعله قبلة لهم وحجا فكان ظهور هذا البيت في الأكرمين ومنها : أنه أمر عباده أن يصلوا على أهل البيت إلى غير ذلك من الخصائص