وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الباب الثالث و العشرون من شعب الإيمان و هو : باب في الصيام ـ قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } قال أبو عبد الله الحليمي C في مبسوط كلامه قد أبان الله تعالى أن الصوم من أسباب التقوى و حقيقة التقوى فعل المأمور به و المندوب إليه و اجتناب المنهى عنه و المكروه و المنزه عنه لأن المراد من التقوى وقاية العبد نفسه من النار و هو إنما يقي نفسه النار بما ذكرت قال : و الصلاة أحد شعبها قال الله تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } ـ و الانتهاء عن الفحشاء و المنكر هو التقوى و هذا لأن من حبب الله إليه الصلاة و وفقه لها فقد و ذلل أعضاءه و جوارحه بها لم يكن إلا منتهيا عن الفحشاء و المنكر و كذلك الصيام من شعبها لأن التملأ من الطعام و الشراب رأس البواغث على الفحشاء و المناكير و معلوم في العادات أن الجائع العطشان لا يجد في نفسه من قلق الشهوات ما يجد منه الممتلىء من الطعام و الشراب و إذا كان ذلك فقد حصل من الصيام التقوى و فيه وجه آخر : و هو أن المعنى لعلكم تتقون الكفر و التغافل و التجاهل بقدر النعمة عن شكرها و ذلك أن الناس إذا كانوا ممسكين طول الدهر ليلا و نهارا من الأكل و الشرب نسوا الجوع و العطش و غفلوا عن شدتهما و بحسب ذلك يجهلون موقع نعمة الله عليهم بالطعام و الشراب و يغفلون عن شكرها ففرض الصوم عليهم مدة من المدد ليستشعروا أن التملأ من الأكل و الشرب لا يقع بمجرد وجود الطعام و الشراب لكن تحتاج مع الوجود إلى إطلاق المولى و إباحته فيكون ذلك أطرا لإيمانهم ثم يطفوا عنهما لوجهه فيكون ذلك عبادة لهم ثم يجدوا خلال الكف توقانا إليهما و يصبروا فيكون ذلك ادكارا بقدر النعمة التي كانت عليهم طوال الدهر بالإطلاق و الإباحة حتى إذا ردت إليهم شكروها و أدوا حقها و هذا لا شك باب من أبواب التقوى و هو نظير ما قيل في الأرض و فيه وجه آخر : و هو أن يكون المعنى لعلكم تتقون البخل و إهمال المحتاجين و التغافل عنهم و ذلك أن الجوع و العطش أمران جبل الناس عليهما و فيهم أغنياء و ضعفاء فإذا استمرا الأغنياء الأكل و الشرب سهوا و لم يدروا ما الجوع فرض عليهم الصيام مدة حتى إذا أحسوا من تأخر الطعام عنهم باليسير من الجهد تذكروا بذلك حال من يطوي يوما بليلته أو أكثر من ذلك لا صائما و لا طاعما لشدة فقره فبصير ذلك سببا لعطفهم على الضعفاء و الإحسان إليهم و شكرهم نعمة الله عندهم و لا شك أن المواساة و الإحسان من التقوى