وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 311/
رحلة إلى إيران
لحضرة الاستاذ الفاضل الدكتور يحيى الخشاب
أوفد معهد اللغات الشرقية بجامعة فؤاد الأول حضرة الدكتور يحيى الخشاب رئيس فرع الدراسات الإسلامية بهذا المعهد إلى ايران للتعرف على ما فيها من آثار أدبية وعلمية وقد رأت المجلة أن تتصل بحضرته لتنشر على الناس ما يصح أن يعرفوه عن حضارة هذه البلاد، ومقال هذا العدد هو أول ما تفضل به.
[ المحرر ]
دنت السيارة من حي المسجد، وكانت الشمس ضاربة فوق مآذن المسجد وقبابه، فإذا الذهب يلمع لمعاناً أخاذاً، وإذا القيشاني الذي يغطيها قد بدت منه أزهى الألوان.
كنت أقصد السوق القديم العامر، وقد وقفت السيارة في نهاية شارع ناصر خسرو، ثم نزلت السلالم عند (جلو خان مسجد شاه) حيث الصحن الذي يشعرك بمقدمة سوق كبير، واجتزته إلى بوابة أدت بي إلى فناء (مسجد شاه) الفسيح، وقد لفت هذا المسجد العظيم نظري ووددت لو اقضي بعض الوقت فيه، ولكنني كنت على موعد مع الحاج حسين آقا ملك، وهو من أثرياء إيران ومن أدبائها الممتازين وله مكتبة خاصة تحوي آلافا عدة من الكتب الإسلامية، ومنها طائفة من المخطوطات النادرة التي لا توجد في غيرها، ولم يكن بد من اجتياز ساحة المسجد، والاكتفاء مؤقتاً بنظرة عابرة إلى هذا البناء الضخم ذي القباب الذهبية المغطاة بالقيشاني الجميل.
ومررت إلى السوق القديم المسقوف، إلى الشرق في أبهج حلته وأصدق صورته، إلى هذه الحياة الإسلامية القديمة التي آخت بين المسلمين مهما تفاوتت درجاتهم، والتي جعلت الصدق والأمانة والعفة والاستقامة والتعاون أساس المعاملة بين الناس، هنا المقام الاسمى لرجل الدين، هنا العمامة السوداء تشير إلى قرابة صاحبها من النبي عليه الصلاة والسلام، هنا التقاليد المرعية والأصول الثابتة هنا الثروات الضخمة التي يطهرها أهلها بالزكاة، هنا الدين والدنيا قد اجتمعا، هنا المدينة الحقة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، خلت من الزيف والتقليد السقيم !