وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 257/
الإسلام والْمَدينَة الْحَديثَة
لصاحب العزة الكاتب الكبير الدكتور أحمد أمين بك
مما يؤسف له أن المسلمين لم يتابعوا النهضة الأوروبية منذ نشأتها، ولم يكونوا يعرفون عنها شيئا، إذ كانت البلاد الإسلامية مغلقة على نفسها لا تتصل التصالا وثيقا بالعالم الأوروبى إلا عن طريق تجارة ضئيلة، أو أحداث سياسية قليله، أما ما يجرى في أوروبا منذ نهضتها من حركة علمية وصناعية، ونهضة قومية، وثورات لمطالبة الشعوب بحقوقها، ونحو ذلك، فلم يكن المسلمون يعرفون عنه شيئا، ولو أنهم عرفوا ذلك وجاروا الغربيين في نهضتهم لكان لهم شأن آخر.
إنما عرف المسلمون المدنية الغربية عن طريق سيء جدا، وهو طريق الفتح والاستعمار، عرفوا المدنية الغربية من صوت المدافع تفتك بهم، وتغزو بلادهم فلا عجب إن كانوا قد قابلوها بكثير من الكره والبغض، وكان ذلك طبيعياً، ولو أن هذه المدنية تقدمت في شكل تقدم إنسانى يصح أن يحتذي؛ لقابلها المسلمون بكل أنواع الارتياح وسعة الصدر، ولفتحوا قلوبهم كلها للاستفادة منها.
إنما أتتهم في شكل حديد ونار، واكتساح واستغلال، ففزعوامنها وصدُّ واعنها.
نعم إنهم استفادوا منها كثيرا، فاستخدموا مخترعاتها، واقتبسوا كثيرا من معارفها وعلومها وصناعاتها ونحو ذلك، ولكن كل هذا لا يساوى ما خسروه بسببها: لقد فقدوا بها حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وتقدمهم، ولو تقدما بطئيا من داخل أنفسهم.