وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 51 /
ولا عجب أن يخفى على المفسرين الفرق بين سب آلهة المشركين ونقد عبادتهم لها، فإن أهل اللغة من قريش قد خفى عليهم هذا الفرق، وهم أرباب الكلام، وفرسان الفصاحة والبلاغة، وعنهم أخذت أحكام اللغة، ولكن هذا فرق علمى دقيق يخفى مثله على العرب في أميتهم وجاهليتهم، وما كان لمثلهم في هذه الجاهلية أن يفرق بين الشئم والنقد، وأن يدرك أن مثل قوله تعالى فيما سبق "إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون" يدخل في باب النقد، ولا يدخل في باب السب والشتم، لأنه ليس إلا بيانا لعجزها في الآخرة، وأنها لا تقدر أن تدفع عن نفسها عذاب الله تعالى، وهذه هي حقيقة أمرها، وبيان الحقيقة لا يدخل في باب السب والشتم، ولا سيما إذا كان يراد منه تنبيه الأذهان إليها، وإيقاظها من غفلتها عنها، وكانت هذه الغفلة تجلب عليها الشقاء في دنياها وأخراها، وكان تنبهها إليها سبب سعادتها في الدنيا والآخرة. ولا يكاد يخرج عن هذا قول بعض المفسرين: إن هذه الآية تدل على أن الأمر بالمعروف قد يقبح إذا أدى زيادة منكر، وغلبة الظن قائمة مقام العلم في هذا الباب، وفيه تأديب لمن يدعو إلى الدين، لئلا يتشاغل بما لا فائدة له في المطلوب، لأن وصف الأوثان بأنها جمادات لا تنفع ولا تضر يكفى في القدح في إلهيتها، فلا حاجة مع ذلك إلى شمتها. فهذا التفسير يقرب في آخرة من الصواب، ويكاد يهتدى إلى الفرق بين نقد عبادة الإلهة وشتمها، ولولا أنه سمى نقد عبادتها قدحا لا نقداً، ولكنه في أوله يقع فيما يقع فيه غيره من إدخال شتم الآلهة في باب الأمر بالمعروف، وأنه لا يقبح إلا لأنه يؤدى إلى شتم الله تعالى، وهذا ينافى حكمه عليه في آخر كلامه بأن التشاغل به تشاغل بما لا فائدة له في المطلوب، ومثل ليس في شيء من الأمر بالمعروف.