وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 53 /
الغزالي بين الفلسفة والتصوف
لحضرة الأستاذ الدكتور محمد يوسف موسى
أستاذ الشريعة الإسلامية المساعد بكلية الحقوق
بجامعة فؤاد الأول
يعتبر العصر الذي ظهر فيه الإمام أبو حامد الغزالي أزهى العصور الإسلامية وأحفلها بالعلم والتأليف والإنتاج في كل ناحية من نواحي المعرفة، وقد امتلأ بالنبغة في العلوم العديدة المختلفة، ولا تزال تأليف هؤلاء النبغة من أعز ما نملك من التراث الإسلامي، ولا زلنا حتى الآو نعتبرها مراجع أصيلة نفيد منها أيها فائدة في دراساتنا وبحوثنا. ولا عجب، فقد امتاز هذا العصر بنشج العلم والتفكير الفلسفي، وبتفاعلي الآراء على اختلافها تفاعلا كان منه خير كثير، إذ كان كل صاحب رأى يعمل على تجليته والتدليل عليه والدفاع عنه، كما امتاز هذا العصر بتكوّن "مكتبة إسلامية" حافلة بالمراجع القيمة في كل علم وفن كان معروفا حينذاك، وبتنافس الأمراء والعلية من القوم في إقامة دور للعلم تكون ملاذا لأهله: تلاميذ وشيوخا. في هذا العصر نشأ الغزالي، فرأى المذاهب المختلفة في الفلسفة وغيرها، ورأى كل مذهب ورأى له شيعته وأنصاره، فلم تأخذه الحيرة فيما يجب عليه، بل رأى كل مذهب ورأى واجبا عليه أن يحمل نفسه على تفهّم هذه الآراء والمذاهب، لبيان صحيحها من باطلها، وقد قص علينا ذلك بنفسه في اعترافاته في كتابه "المنقذ من الضلال" لم يكن الغزالي من المعمَّرين، فإنه لم يعش إلا خمسة وخمسين عاما بين عام 450 ه، الذي ولد فيه، وعام 505 ه، الذي لحق فيه بالرفيق الأعلى، ولكنه كان من الغابغين الذي يعتبرون أعلاماً للدهر على مر الزمن; فقد برع - وهو لا يزال شاباً - في المذهب والجدل والمنطق والفلسفة وغير ذلك من علوم عصره، حتى اعترف العلماء بفضله، وولى تدريس المدرسة النظامية ببغداد عام 484 ه، وظل بها هذه كانت تشد الرحال إليه فيها، على ما يذكر مؤرخوه، ومنهم السبكى صاحب "طبقات الشافعية الكبرى".