وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 191/
وبأضرابهما رأفة، ولم يشفع لهما عند القادحين السبق الزمني والفني.
لكن ما السبيل إلى ملازمة البادية ـ في عزله تامة ـ والفرار من مخالطة العجم؟ إن أمكن هذا في عصور الجاهلية فليس بممكن بعد ظهور الإسلام، وامتداد وقعته إلى جهات المعمورة، وانسياب العرب ـ كالطوفان الجارف ـ إلى بلاد العجم غزاة فاتحين، وتسرب الأعاجم إلى قلب البوادي (التي كانت مغلقة في وجوههم) عبيداً، أو إماء، أو حجاجا، أو مقمين، أو زائرين، لوجه من الوجوه المختلفة واختلاط الفريقين معاً اختلاط معاشرة ومعاملة. وقد سوّى الإسلام بين الفريقين في أكثر الحقوق والواجبات، وأزال الفوارق أو كاد: فانتهى الاختلاط المؤقت إلى اندماج تام. وامتزاج كامل ـ في أكثر الأحيان ـ بعد زمن طال أو قصر على حسب الأحوال وتهيؤ الأسباب...
وإذْ جرى الأمر على ما وصفنا، فقد تعرضت أصالة اللسان العربي للإتهام عندهم والتجريح، وصارت الثقة به مزعزعة عند أولئك المشرعين والرواة اللغويين ومن لف لفهم، وأخذ بطريقتهم من جمهرة النحاة وغيرهم.
وهنا نسألهم: ما مدى الأتصال الذي يعيب أصالة اللسان، ويضعف الثقة به؟ ما حدوده وما قوّته؟ أيكف فيه مجرد الاتصال والاختلاط، ونزول العربي الأمصار؛ سواء أقصرت المدة أم طالت، وكثر عدد الأعاجم أم قل؟ وسواء أكان أهل المصر، متخفظين متحرزين، أم متساهلين منهاونين؟ أفلا يتطلب الأمر مدة (زمينة تكفي لتأثر العربي بالأعاجم في لغته، وتسرب العجمة بمادتها ومظاهرها إلى لسانه؟ فما هذه المدة التي تكفي للعدوي؟ أيوم، أم شهر... أم قرن... أم أكثر...؟ وما مدى التأثر؟ أقليله وكثيره سواء في التجريح والاتهام، أم لابد من شيوع الفساد وكثرته؟ وما حد القلة والكثرة والشيوع والانحصار؟....
تلك أسئلة لم يقطع فيها اللغويون والنحويون السابقون بإجابة شافية موحدة أو قريبة من التوحيد. فمن قائل إن نزول العربي الأمصار محقق الخطر