وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 342 /
فالخلاف الفقهي في أصله ليس صادراً عن الهوى والتعصب، ولكنه صادر عن أصول الشريعة وأدلتها التي يجب على المسلمين أن يعولوا عليها في معرفة دينهم، والتعبد بما شرعه الله لهم.
فالقرآن الكريم الذي هو المصدر الأول والأعظم للمسلمين، نزل بأسلوب جاء قاطعاً في أصول العقائد وما لا يتغير بتغير الأزمان والأحوال، محتملا في كثير من وراء ذلك من الأمور والأحكام. فكان هذا من أول أسباب الخلاف تبعاً لاختلاف الأفهام وقواعد النظر وتقدير العلل والمصالح.
والسنة المطهرة التي نقلت بطرق مختلفة جاءت نصوصها تارة مطلقة، وتارة مقيدة بقرائن وظروف تساعد على فهمها، وقد تبلغ الرواية عالماً ولا تبلغ آخر، وقد يعتمد عالم على راو آخر لا يثق به، وقد يثبت حديث عند مجتهد ولا يثبت عند غيره، وقد تتعارض الروايات في بعض الأحايين. كل هذا كان ذا أثر ظاهر في الخلاف.
كذلك اختلفت القواعد التي استنبطها العلماء لفهم الكتاب والسنة، والأدلة التي رأي بعضهم أنها تفيد حكم الله، ورأى آخرون أن كتاب الله وسنة رسوله تغنيان عنها.
هذا على وجه الاجمال هو ما دعا إلى اختلاف العلماء، وهذا هو ما قضت به الحكمة الالهية، ولو شاء الله لجاءت أحكام الشريعة ومسائلها جميعاً على نمط واحد؛ ولكن الله جل جلاله علم أن أمر الناس لا يصلح على ذلك؛ فلا يصلح في أمور العقائد وأصول الدين التي يدخل بها المرء في ربقة الإيمان، وبخرج من هذه الربقة حين يخرج عنها؛ لاي صلح في هذه أن يترك الناس لعقولهم وأفكارهم وظنونهم، فلذلك بينها بياناً واضحاً، وجعلها من أمور الدين وأحكامه حرماً مقدساً لا يجوز أن تختلف فيه الأنظار، ولا أن تكون مجالا لتعدد الآراء، ولا لجدال المتجادلين، ذلك بأنها حقائق أخبرنا الله تعالى بها، وأوجب علينا أن نعتقدها، وليس من شأنها أن تتغير بتغير الزمان، أو تختلف باختلاف المصالح، أو تتأثر باجتهاد المجتهدين؛ وقد ألحق بهذه الأصول ما شابهها في عدم التأثر بالأزمان أو الافهام من حقائق