وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 44/
الشرع، وقال السيد محسن الحكيم في كتابه حقائق الأصول ج2 ص 148: " إن وجوب دفع الضرر ليس من أحكام العقل، وإنما هو من أحكام الفطرة التي فطرت عليها النفوس، حتى الحيوانات فإنها تنفر من الضرر، وتسعى إلى النفع دون توسط حكم العقل بالحسن والقبح ". غير أن الأصوليين لم يخصصوا لهذه القاعدة فصلا مستقلا، وإنما تكلموا عنها استطراداً في باب الظن والاحتياط والبراءة. وتتلخص أقوالهم بأن الضرر إما أن يكون دنيوياً، وإما أن يكون أخرويا، وكل منهما إما أن معلوم الوقوع، وإما مظنوناً وإما محتملا، فالضرر المعلوم يحكم العقل بوجوب دفعه مهما كان نوعه، أما الظنون والمحتمل فإن كان أخرويا، وكان ناشئا عن العلم بوجود التكليف والشك في المكلف به فهو واجب الدفع، لأنه يعود إلى وجوب الإطاعة فيدخل في باب الاحتياط، وإن كان الخوف من الضرر الأخروي ناشئا من الشك في أصل وجود التكليف فالعقل لا يحكم بوجوب الدفع لوجود المؤمن العقلي، وهو قبح العقاب بلا بيان، أي أن عدم البيان أمان من العقاب، ويدخل في باب البراءة، أما الضرر الدنيوي المظنون والمحتمل فإن العقل يحكم بوجوب دفعه، كالمعلوم، لأن الإقدام على ما لا يؤمن معه الضرر قبيح عقلا؛ مثلا ـ إذا تردد سائل موجود في إناء بين كونه ماءاً أو سما يحكم العقل بوجوب الاجتناب عنه.
وعلى أية حال فإن الضرر الدنيوي يحكم العقل بوجوب الابتعاد عنه معلوماً كان أو مظنوناً أو محتملا، أما الأخروي فيجب دفعه عقلا إذا كان مسبباً عن الشك في المكلف به بعد العلم بالتكليف، ولا يجب دفعه إن نشأ عن الشك في أصل وجود التكلف، أو قل في مثل هذه الحال لا نحتمل وجود الضرر كلية لقبح العقاب بلا بيان:
ومما تقدم يتبين أن العقل يحكم مستقلا بوجوب إطاعة الله والرسول، وبقبح العقاب بلا بيان، وبوجوب دفع الضرر الدنيوي في جميع الحالات، والأخروي مع عدم وجود المؤمّن، ومن أجل هذه الأحكام اعتبرا الشيعة العقل أصلا من أصول الفقه.