وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 67/
واستقبل الرجل برمحه فأراده، فأرسل دريد بثان، فقال ربيعة حين رآه:
خل سبيل الحرة المنيعة إنك لاق دونها ربيعة
أولا فحذها طعنة سريعة فالطعن منى في الوغي شريعة
وألحقه بصاحبه، فندب دريد ثالثاً ابتدره حامي الظعينة قائلا:
ماذا تريد من شتيم عابس ألم تر الفارس بعد الفارس
أرداهما عامل رمح يابس
ثم ألحقه بصاحبيه، وحينئذ لم ير دريد بداً أن يذهب هو نفسه للقاء هذا الذي فجعه في ثلاثة من فرسانه، فلما رآه ربيعة مقبلا؛ قال للظعينة: أرى فارساً ليس كمن سبقوه فالنجاء النجاء، وهاتيك بيوت الحي تبدو قريبه فالحقي، ثم كر على دريد، ولقاه طعنة من رمحه اليابس، فراغ لها دريد فأصابت الصخر، وهكذا أصبح ربيعة أعزل في مواجهة دريد... وما كان منه إلا أن قال: يا بني إن مثلك لا يقتل وأعطاه رمحه، ثم عاد إلى جماعته وقال لهم: لقد هزمني وأخذ رمحي ثم أنشأ يقول:
ما إن رأيت ولا سمع بمثله حامي الظيعنة فارساً لم يقتل
أودي فوارس لم يكونوا نهزة ثم استمر كأنه لم يفعل
متهللا تبدو أسرة وجهه مثل الحسام جلته أيدي الصيقل
يا ليت شعري من أبوه وأمه يا صاح من يك مثله لا يجهل
فأين نذالة تأبط شراً تلك، من نبل دريد هذا؟.
قال: إن نفوس البشر لمركب مزجي من النبل والنذالة أو الخير والشر، وإنما يسكن أحد العنصرين حين يتحرك الأخر، فأما الظروف أو العوامل التي تحرك هذا أو تسكن ذاك، فأمرها إلى من إليه تصير الأمور سبحانه وتعالى: ومن يدري، فلعل دريداً وثابتاً لو تبادلا حاليهما النفسيتين لتحول مسلك كل منهما إلى نقيضه، ولقلت أنت الآن: لله ما أكرم ثابتاً وما الأم دريداً.
قلت: فأنا إذن لا أحمل تبعاتي، ولي في أحوال النفس البشرية معاذير.
قال: بل تحملها وأنفك راغم، ولله الحجة البالغة وهو على كل شئ قدير.
قلت: أفجبري شيخي أم قدري أم معتزلي؟