وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 84/
إن الإسلام لا يعرف تلك الوطنية القومية المبتدعة، وينكرون على من يمزج قوميته المنتحلة بالإسلام نفسه، فيفتخر بقوميته كما يفتخر بإسلامه.
ولعلهم يعدون هذا من دعوى الجاهلية الواردة في حديث: " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ". وهي قولهم ـ يا آل فلان ـ عند وقوع تنازع بينهم، ولعلهم يستندون في ذلك أيضا على قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لوفد تميم حين قالوا له: " نحن ناس من تميم، جئنا بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك. فقال لهم: ما بالشعر بعثنا، ولا بالفخار أمرنا ". ولعلهم يستندون أيضاً على قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين خطب الناس بمكة فقال: " أيها الناس، إن الله قد أذهب عنكم عبِّيَّة الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: بر تقي كريم على الله تعالى، وفاجر شقي هين على الله تعالى، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب، ثم قرأ قوله تعالى: " يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ".
فأما دعوى الجاهلية فليس الاعتزاز بالوطنية والقومية على الوجه السابق منها في شيء، وإنما دعوى الجاهلية ـ يا آل فلان ـ كانت تقال لإثارة الحروب والفتن بين القبائل، فأبطل الإسلام هذه الدعوى المفرقة، لأنه يريد الجمع لا التفريق، ويريد التحاب لا التخاصم، والاعتزاز بالوطنية على الوجه السابق لا يراد منه إثارة الحروب بين أبناء الوطن الواحد، وإنما يراد جمعهم على الوطنية لإبطال ما يريد العدو من تفريق كلمتهم، ليتمكن بتفريقها من السيادة عليهم، وهذا يدخل في دعوة الإسلام إلى جمع الكلمة، وتقوية الرابطة.
وأما قصة وقد تميم فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقتصر فيها على قوله: " ما بالشعر بعثنا، ولا بالفخار أمرنا ". بل أذن بعد هذا لخطيبهم وشاعرهم، لأن عدم بعثه بالشعر لا يفيد تحريم الشعر، وكذلك عدم أمره بالفخار لا يفيد تحريم الفخار على الإطلاق، كيف وقد افتخر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: " أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ". فافتخر بكونه أفصح العرب، كما افتخر بكونه من قريش التي أفادته هذه الفصاحة وغيرها مما أفادته.