وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 88/
العرب تسألون. قالوا: نعم. قال: " فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ". أي إذا تعلموا أحكام الشرع وعملوا بها، فلم ينكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معادنهم وأصولهم في الجاهلية، بل أقرها لهم إذا فقهوا في الدين، فإذا آثروا الجهل على العلم ضاعت بالجهل معادنهم، وارتفعت بالعلم معادن كانت دونهم، ولله در الشاعر إذ يقول:
العلم يرفع بيتاً لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف
ويجب بعد هذا أن نعرف الوطنية والقومية على حققتهما، وأن نعرف الدين على حقيقته، لأن كثيراً من الناس يخلط بينهما، ويرى أنه لا وطنية ولا قومية إلا بالدين، فلا يشارك أهل دين غيرهم في الوطنية والقومية، وهذا فهم خاطئ كل الخطأ، فالدين لله تعالى وحده، وحسابهم عليه مختلف عنده، ولكن الوطنية والقومية لجمع الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، لكل منهم حقه فيه، ولكل منهم حق الدفاع عنه بالمسان والسيف، وحق الاعتزاز بماضيه ومجد آبائه فيه، على وجه ينفع ولا يضر، ويجمع ولا يفرق.
وقد عقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معاهدة بين أهل المدينة حين هاجر إليها، سوى فيها بينهم على اختلاف أديانهم، وجعل لأهلها من غير المسلمين حق الدفاع عنها معهم، فلما كانت غزوة أحد طلب منهم أن يقوموا بالدفاع عنها مع مواطنيهم من المسلمين، فأجابه قليل منهم، وممن أجابه مخيريق اليهودي، فقال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " مخيريق خير يهود ". فلما ذهب مخيريق إلى القتال مع المسلمين قال: إن هلكت فمالي لمحمد. وقد قتل في هذه الغزوة مع من قتل من المسلمين، فصار ماله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد حبسه فيما حبسه على المصالح العامة، من فدك وأموال بني النضير وغيرها مما أفاءه الله تعالى عليه.
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فليكن عندنا من التسامح الديني مثل ما كان عنده، ولنترك ذلك التزمت الديني الذي كره الناس في ديننا ولم يفده، بل أضره وجعله يقف عند الحد الذي وصل إليه بفضل ذلك التسامح.