وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 357/
وهذا إذا جرينا على أن آيات كل سورة مرتبط بعضها ببعض ارتباطاً يجعلها كأنها جملة واحدة، منسقة المعاني، منتظمة المباني، فإذا جرينا على ما يذهب إليه بعض المفسرين من أنه لا ارتباط بين آيات السور القرآنية، كان الاستبعاد أظهر في القسم الثالث السابق، وهو السور التي بعضها مكي وبعضها مدني، لأنه إذا لم يكن هناك ارتباط بين آيات السور لم تكن هنا سورة مكية ممتنعة على مايوضع من الآيات المكية في السور المدنية، وكذلك الأمر في عكس ذلك، فلا يكون هناك حاجة لوضه أحدهما في الآخر.
ولكن يجب قبل أن نأخذ في التفصيل السابق أن نذكر أولاً خلافهم في حقيقة كل من المكي والمدني من السور، لأن هذا الخلاف يفيدنا كثيراً في التفصيل.
وللعلماء في المكي والمدني من السور اصطلاحات ثلاثة: أشهرها أن المكي مانزل قبل الهجرة من مكة إلى المدينة، والمدني مانزل بعد هذه الهجرة، ولو نزل في مكة بعد فتحها، وعلى هذا يكون مانزل في طريق الهجرة إلى المدينة قبل الوصول إليها من المكي. وثانيها أن المكي مانزل بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني مانزل بالمدنية، وثالثها أن المكي ماوقع خطابا لأهل مكة ولو نزل بالمدينة، والمدني ماوقع خطاباً لأهل المدنية ولو نزل بمكة.
ويجب أن نذكر قبل هذا التفضيل ثانيا أنه يرجع في معرفة المكي والمدني من السور إلى حفظ الصحابة والتابعين، لأنه لم يرد عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك قول، لأنه لم يؤمر به، ولم يجعل الله تعالى عليم ذلك من فرائض الأمة، وإن وجب في بعضه على أهل العلم معرفة الناسخ من المنسوخ، لأن مانزل من ذلك بمكة يكون متقدماً، ومانزل بالمدنية يكون متأخراً، على ماهو الأشهر من الاصطلاحات الثلاثة السابقة، والمتأخر هو الذي ينسخ المتقدم، لأن معرفة هذا قد يكون بغير نص الرسول(صلى الله عليه وسلم)، أي بالأجتهاد في سياق الآيات وحظها من مميزات المكي والمدني، وحينئذ لا يكون النص عليه واجباً.
ويجب أن نذكر قبل هذا التفصيل ثالثاً أن لهم ضوابط في معرفة المكي والمدني من السور، وأنهم مختلفون في هذه الضوابط، وأنها قائمة على اجتهادهم، ولم يرد فيها نص يقطع الخلاف فيها بينهم، فأخرج الحاكم في مستدركه، والبيهقي في الدلائل، والبزار في مسنده عن علقمة عن عبدالله قال: ماكان ((يأيها الذين آمنوا)) أنزل بالمدينة، وماكان ((يأيها الناس)) أنزل بمكة، وقيل: ماكان في القرآن ((يأيها الناس)) أو ((يا بني آدم)) فإنه مكي، وماكان ((يأيها الذين آمنوا)) فإنه مدني، قال ابن عطيه وغيره: هو في ((يأيها الذين آمنوا)) صحيح، وأما ((يأيها الناس)) فقد يأتي في المدني، كما في سورة النساء، فإنها مدنية، وأولها: ((يأيها الناس)) وكذلك البقرة مدنية، وفيها: ((يأيها الناس اعبدوا ربكم))، ((يأيها الناس كلوا مما في الأرض)) وكذلك في كثير من السور المكية ((يأيها الذين آمنوا)) فلا يكون صحيحاً أيضاً.