وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الشرائط التي يصير بها الركن إعارة .
فصل : و أما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة شرعا فأنواع : منها العقل فلا تصح الإعارة من المجنون و الصبي الذي لا يعقل و إما البلوغ فليس بشرط عندنا حتى تصح الإعارة من الصبي المأذون لأنها من نوع توابع التجارة و أنه يملك التجارة فيملك ما هو من توابعها و عند الشافعي لا يملك و هي مسألة كتاب المأذون و كذا الحرية ليست بشرط فيملكها العبد المأذون لأنها من توابع التجارة فيملك بملك ذلك .
و منها : القبض من المستعير لأن الإجارة عقد تبرع فلا يفيد الحكم بنفسه بدون القبض كالهبة .
و منها : أن يكون المستعار مما يمكن الانتفاع بدون استهلاكه فإن لم يكن لا تصح إعارته لأن حكم العقد ثبت في المنفعة لا في العين إلا إذا كانت ملحقة بالمنفعة على ما نذكره في موضعه .
فصل : و أما بيان حكم العقد فالكلام فيه في موضعين : .
أحدهما : في بيان أصل الحكم .
و الثاني : في بيان صفته أما الأول فهو ملك المنفعة للمستعير بغير عوض أو ما هو ملحق بالمنفعة عرفا و عادة عندنا و عند الشافعي إباحة المنفعة حتى يملك المستعير الإعارة عندنا في الجملة كالمستأجر يملك الإجارة و عنده لا يملكها أصلا كالمباح له الطعام لا يملك الإباحة من غيره .
وجه قول الشافعي : دلالة الإجماع و المعقول : أما الإجماع فلجواز العقد من غير أجل و لو كان تمليك المنفعة لما جاز من غير أجل كالإجارة و كذا المستعير لا يملك أن يؤجر العارية و لو ثبت الملك له في المنفعة لملك كالمستأجر .
و أما المعقول : فهو أن القياس يأبى تمليك المنفعة لأن بيع المعدوم لا نعدام المنفعة حاله العقد و المعدوم لا يحتمل البيع لأنه بيع ما ليس عند الإنسان و قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه إلا أنها جعلت موجودة عند العقد في باب الإجارة حكما للضرورة و لا ضرورة إلى الإعارة فبقيت المنافع فيها على أصل العدم .
و لنا : أن المعير سلطه على تحصيل المنافع و صرفها إلى نفسه على وجه زالت يده عنها و التسليط على هذا الوجه يكون تمليكا لا إباحة كما في الأعيان و إنما صح من غير أجل لأن بيان الأجل للتحرز عن الجهالة المنفضية إلى المنازعة و الجهالة في باب العارية لا تفضي إلى المنازعة لأنها عقد جائز غير لازم و لهذا المعنى لا يملك الإجارة لأنها عقد لازم الإعارة عقد غير لازم فلو ملك الإجارة لكان فيه إثبات صفة اللزوم بما ليس بلازم أو سلب صفة اللزوم عن اللازم و كل ذلك باطل .
و قوله : المنافع منعدمة عند العقد قلنا : نعم لكن هذا لا يمنع جواز العقد كما في الإجارة و هذا لأن العقد الوارد على المنفعة عندنا عقد مضاف إلى حين و جود المنفعة فلا ينعقد في حق الحكم إلا عند و جود المنفعة شيئا فشيئا على حسب حدوثها فلم يكن بيع المعدوم و لا بيع ما ليس عند الإنسان .
و على هذا تخرج إعارة الدراهم و الدنانير أنها تكون قرضا لا إعارة لأن الإعارة لما كانت تمليك المنفعة أو إباحة المنفعة على اختلاف الأصلين و لا يمكن الانتفاع إلا باستهلاكها و لا سبيل إلى ذلك إلا بتصرف في العين في المنفعة و لا يمكن تصحيحا إعارة حقيقية فتصحح قرضا مجازا لوجود معنى الإعارة فيه حتى لو استعار حليا ليتجمل به صح لأنه يمكن الإنتفاع به من غير استهلاك بالتجمل فأمكن العمل بالحقيقة فلا ضرورة إلى الحمل على المجاز و كذا إعارة كل مالا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه كالمكيلات و الموزنات يكون قرضا لا إعارة لما ذكرنا أن محل حكم الإعارة المنفعة لا بالعين إلا إذا كان ملحقا بالمنفعة عرفا و عادة كما إذا منح إنسانا شاتا أو ناقة لينتفع بلبنها و وبرها مدة ثم يردها على صاحبها لأن ذلك محدود من المنافع عرفا و عادة فكان له حكم المنفعة و قد روى عن النبي عليه الصلاة و السلام : [ هل من أحد يمنح من إبله ناقة أهل بيت لا در لهم ] و هذا يجري مجرى الترغيب كمن منح و رق أو منحة لبس كان له بعدل رقبة .
و كذا لو منح جديا أو عناقا كان عارية لأنه يعرض أن ينتفع بلبنه و صوفه و يتصل بهذا الفصل بيان ما يملكه المستعير من التصرف في المستعار و ما لا يملكه فنقول و با الله التوفيق : .
جملة الكلام فيه : أن عقد الإعارة لا يخلو من أحد و جهين : إما إن كان مطلقا و إما إن كان مقيدا فإن كان مطلقا بأن أعار دابته إنسانا و لم يسمي مكانا و لا زمانا و لا الركوب و لا الحمل فله أن يستعملها في أي مكان و زمان شاء و له أن يركب أو يحمل لأن الأصل في المطلق أن يجري على إطلاقه و قد ملكه منافع العارية مطلقا فكان له أن يستوفيها على الوجه الذي ملكها إلا أنه لا يحمل عليها ما يعلم أن مثلها لا يطيق بمثل هذا الحمل و لا يستعملها ليلا و نهارا مالا يستعمل مثلها من الدواب لذلك عادة حتى لو فعل فعطبت يضمن لأن العقد و إن خرج مخرج الإطلاق لكن المطلق يتقيد بالعرف و العادة دلالة كما يتقيد نصا و له أن يعير العارية عندنا سواء كانت العارية مما يتفاوت في استيفاء المنفعة أو لا لأن إطلاق العقد يقتضي ثبوت الملك للمستعير فكان هو في التمليك من غيره على الوجه الذي ملكه متصرفا في ملك نفسه إلا أنه لا يملك الإجرة لما قلنا .
فإن آجر و سلم إلى المستأجر ضمن لأنه دفع مال الغير إليه بغير إذنه فصار غاصبا فإن شاء ضمنه و إن شاء ضمن المستأجر لأنه قبض مال الغير بغير إذنه كالمشتري من الغاصب إلا أنه ضمن المستعير لا يرجع بالضمان على المستأجر لأنه ملكه بأداء الضمان فتبين أنه آجر ملك نفسه .
و إن ضمن المستأجر فإن كان عالما بكونها عارية في يده لا يرجع على المستعير و إن لم يكن عالما بذلك يرجع عليه لأنه إذا لم يعلم به فقد صار مغرورا من جهة المستعير فيرفع عليه بضمان الغرور و هو ضمان الكفالة في الحقيقة و إذا كان عالما لم يصر مغرورا من جهته فلا يرجع عليه و هل يملك الإيداع اختلف المشايخ فيه قال مشايخ العراق : و هو قول بعض مشايخنا لأنه يملك الإعارة فالإيداع أولى لأنها دون الإعارة .
و قال بعضهم : لا يملك استدلالا بمسألة مذكورة في الجامع الصغير و هي أن المستعير إذا رد العارية على يد أجنبي ضمن و معلوم أن الرد على يده إيداع إياه و لو ملك الإيداع لما ضمن و إن كان مقيدا فيراعي فيه القيد ما أمكن لأن أصل اعتبار تصرف العاقل على الوجه الذي تصرف إلا إذا لم يمكن اعتباره لعدم الفائدة و نحو ذلك فلغا الوصف لأن ذلك يجري مجرى العبث ثم إنما يراعي القيد فيما دخل لا فيما لم يدخل لأن المطلق إذا قيد ببعض الأوصاف يبقى مطلقا فيما و راءه فيراعى عند الإطلاق فيما وراءه .
بيان هذه الجملة في مسائل : إذا أعار إنسانا دابة على أن يركبها المستعير بنفسه ليس له أن يعيرها من غيره و كذلك إذا أعاره ثوبا على أن يلبسه بنفسه لما ذكرنا أن الأصل في المقيد اعتبارالقيد فيه إلا إذا تعذر اعتباره و اعتبار هذا القيد ممكن لأنه مقيد لتفاوت الناس في استعمال الدواب و الثياب ركوبا و لبسا فلزم اعتبار القيد فيه فإن فعل حتى هلك ضمن لأنه خالف و إن ركب بنفسه و أردف غيره فعطبت فإن كانت الدابة مما تطيق حملهما جميعا يضمن نصف قيمة الدابة لأنه لم يخالف إلا في قدر النصف و إن كانت الدابة مما لا يطيق حملهما ضمن جميع قيمتها لأنه استهلكها .
ولو أعاره دارا ليسكنها بنفسه فله أن يسكنها غيره المملوك بالعقد السكنى و الناس لا يتفاوتون فيه عادة فلم يكن التقليد بسكناه مفيدا فيلغو إلا إذا كان الذي يسكنها إياه حدادا أو قصارا و نحوهما ممن يوهن عليه البناء فليس له أن يسكنها إياه و لا أن يعمل بنفسه ذلك إياه و لا أن يعمل بنفسه ذلك لأن المعير لا يرضى به عادة و المطلق يتقيد بالعرف و العادة كما في الإجارة .
و لو أعاره دابة على أن يحمل عليها عشرة مخاتيم شعير فليس له أن يحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة لأن الحنطة أثقل من الشعير فكان اعتبار القيد مفيدا فيعتبر و لو أعارها على أن يحمل عشرة مخاتيم حنطة فله أن يحمل عليها عشرة مخاتيم شعيرا أو دخانا أو أرزا أو غير ذلك مما يكون مثل الحنطة أو أخف منها استحسانا و القياس أن لا يكون ذلك حتى إنها لو عطبت لا يضمن استحسانا و القياس و أن يضمن و هو قول زفر لأنه خالف .
و جواب الاستحسان : أن هذا و إن كان خلافا صورة فليس بخلاف معنى لأن المالك يكون راضيا به دلالة فلم يكن التقييد بالحنطة مفيدا و صار كما لو شرط عليه أن يحمل عليها عشرة مخاتيم من حنطة نفسه فحمل عليها عشرة مخاتيم من حنطة غيره فإن لا يكون مخالفا حتى لا يضمن كذا هذا .
و لو قال : على أن يحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة ليس له أن يحمل عليها حطبا أو تبنا أو آجرا فحمل عليها من الحنطة زيادة على المسمى في القدر فعطبت نظر في ذلك فإن كانت الزيادة مما لا تطيق الدابة حملها يضمن جميع قيمتها لأن حمل ما لا تطيق الدابة إتلاف للدابة و إن كانت الدابة مما تطيق حملها يضمن من قيمتها قدر الزيادة حتى لو قال : على أن يحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فحمل عليها أحد عشرمختوما فعطبت يضمن جزأ من أحد عشر جزءا من قيمتها لأنه لم يتلف منها إلا هذا القدر و لو قيدها بالمكان بأن قال : على أن تستعملها في مكان كذا في المصر بتقيد به و له أن يستعملها في أي و قت شاء بأي شيء شاء لأن التقييد لم يوجد إلا بالمكان فبقي مطلقا فيما و راءه لكنه لا يملك أن يجاوز ذلك المكان حتى و لو جاوزه دخل في ضمانه و لو أعادها إلى المكان المأذون لا يبرأ عن الضمان حتى لو هلكت من قبل التسليم إلى المالك يضمن و هذا قول أبي حنيفة عليه الرحمة الآخر و كان يقول : أولا يبرأ عن الضمان كالمودع إذا خالف ثم هاد الوفاق ثم رجع .
و وجه الفرق بين العارية و الوديعة قد ذكرناه في كتاب الوديعة و كذلك لو قيدها بالزمان بأن قال : على أن يستعملها يوما يبقى مطلقا فيما و راءه لكنه بتقيد بالزمن حتى لو مضى اليوم و لم يردها على المالك حتى هلكت يضمن لما قلنا و كذلك لو قيدنا بالحمل .
و كذلك لو قيدها بالاستعمال بأن قال : على أن يستعملها حتى لو أمسكها و لم يستعملها حتى هلكت يضمن لأن الإمساك منه خلاف فيوجب الضمان ولو اختلف المعير أو المستعير في الأيام أو المكان أو فيما يحمل عليها فالقول قول المعير لأن المستعير يستفيد ملك الانتفاع من المعير فكان القول في المقدار و التعيين قوله مع اليمين دفعا للتهمة