وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : و أما كيفية فرضه .
فمنها : أنه فرض عين لا فرض كفاية فيجب على كل من استجمع شرائط الوجوب عينا لا يسقط بلإقامة البعض عن الباقين : بخلاف الجهاد فإنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين لأن الإيجاب تناول كل واحد من آحاد الناس عينا .
و الأصل : أن الإنسان لا يخرج عن عهدة ما عليه إلا بأدائه بنفسه إلا إذا حصل المقصود منه بأداء غيره كالجهاد و نحوه و ذلك لا يتحقق في الحج .
و منها : أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة بخلاف الصلاة و الصوم و الزكاة فإن الصلاة تجب في كل يوم و ليلة خمس مرات و الزكاة و الصوم يجبان في كل سنة مرة واحدة لأن الأمر المطلق بالفعل لا يقتضي التكرار لما عرف في أصول الفقه و التكرار في باب الصلاة و الزكاة و الصوم ثبت بدليل زائد لا بمطلق الأمر [ و لما روي أنه لما نزلت أية الحج سأل الأقرع بن حابس Bه رسول الله A فقال يا رسول الله الحج في كل عام أو مرة واحدة فقال عليه الصلاة و السلام : مرة واحدة ] و في رواية قال : لما نزلت أية الحج : [ ألعامنا هذا يا رسول الله أم للأبد فقال : للأبد ] .
و لأنه عبادة لا تتأدى إلا بكلفة عظيمة و مشقة شديدة بخلاف سائر العبادات فلو وجب في كل عام لأدى إلى الحرج و أنه منفى شرعا و لأنه إذا لم يكن أداؤه إلا بحرج لا يؤذى فيلحق المأثم و العقاب إلى هذا أشار النبي A لما سأله الأقرع بن حابس و قال ألعامنا هذا أم للأبد فقال عليه الصلاة و السلام : [ للأبد و لو قلت في كل عام لوجب و لوجب ثم تركتم لضللتم ] .
واختلف في وجوبه على الفور و التراخي ذكر الكرخي أنه على الفور حتى يأثم عن أول أوقات الأماكن و هي السنة الأولى عند استجماع شرائط الوجوب و ذكر أبو سهل الزجاجي الخلاف في المسألة بين أبي يوسف و محمد فقال في قول أبي يوسف يجب على الفور و في قول محمد على التراخي و هو قول الشافعي : وروى عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف و روي عنه مثل قول محمد .
وجه قول محمد أن الله تعالى فرض الحج في وقت مطلقا لأن قوله تعالى { و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } مطلقا عن الوقت ثم بين وقت الحج بقوله D : { الحج أشهر معلومات } أي وقت الحج أشهر معلومات فصار المفروض هو الحج في أشهر الحج مطلقا من العمر فتقييده بالفور تقييدا لمطلق و لا يجوز إلا بدليل و روى أن فتح مكة كان لسنة ثمان من الهجرة [ وحج رسول الله A في سنة العشر ] و لو كان وجوبه على الفور لما احتمل التأخير منه .
و الدليل عليه أنه لو أدى في السنة الثانية أو الثالثة يكون مؤديا لا قاضيا و لو كان واجبا على الفور و قد فات الفور فقد كانت وقته فينبغي أن يكون قاضيا لا مؤديا كما لو فاتت صلاة الظهر عن وقتها وصوم رمضان عن وقته .
و لهما : أن الأمر بالحج في وقته مطلق يحتمل الفور و يحتمل التراخي و الحمل على الفور أحوط لأنه إذا حمل عليه يأتي بالفعل على الفور ظاهرا و غالبا خوفا من الإثم بالتأخير فإن أريد به الفور فقد أتى بما أمر به فأمن الضرر و إن أريد به التراخي لا يضره الفعل على الفور بل ينفعه لمسارعته إلى الخير و لو حمل على الرتاخي ربما لا ياتي به على الفور بل يؤخر إلى السنة الثانية و الثالثة فتلحقه المضرة إن أريد به الفور و إن كانت لا يلحقه إن أريد به التراخي فكان الحمل علىالفور حملا على أحوط الوجهين فكان أولى .
و هذا قول إمام المهدى الشيخ أبي منصور الماتريدي في كل أمر مطلق عن الوقت أنه يحمل على الفور لكن عملا لا اعتقادا على طريق التعيين أن المراد منه الفور أو التراخي بل يعتقد أن ما أراد الله تعالى به من الفور و التراخي فهو حق و روينا عن النبي A أنه قال : [ من ملك زادا و راحلة تبلغه إلى بيت الله الحرام فلم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أ و نصرانيا ] ألحق الوعيد بمن أخر الحج عن أول أوقات الإمكان لأنه قال من ملك كذا فلم يحج و الفاء للتعقيب بلا فصل أي لم يحج عقيب ملك الزاد و الراحلة بلا فصل .
و أما طريق عامة المشايخ فإن للحج وقتا معينا من السنة يفوت عن تلك السنة بفوات ذلك الوقت فلو أخره عن السنة الأولى و قد يعيش إلى السنة الثانية و قد لا يعش فكان التأخير عن السنة الأولى تفويتا له للحال لأنه لا يمكنه الأداء للحال إلى أن جييء الحج من السنة الثانية و في إدراكه السنة الثانية شك فلا يرتفع الفوات الثابت للحال بالشك و التفويت حرام .
و أما قوله : إن الوجوب في الوقت ثبت مطلقا عن الفور فمسلم لكن المطلق يحتمل الفور و يحتمل التراخي و الحمل على الفور أولى لما بينا و يجوز تقييد عند قيام الدليل و أما تأخير رسول الله A الحج عن أول أوقات الإمكان فقد قيل إنه كان لعذر له و لا كلام في حال العذر يدل على أنه لا خلاف في أن التعجيل أفضل و الرسول A لا يترك الأفضل إلا لعذر على أن المانع من التأخير هو احتمال الفوات و لم يكن في تأخيره ذلك فوات لعلمه من طريق الوحي أنه يحج قبل موته قال الله تعالى { لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين } و الثنيا للتيمن و التبرك أو لما أن الله تعالى خاطب الجماعة و قد علم أن بعضهم يموت قبل الدخول .
و أما قوله لو أدى في السنة الثانية كان مؤديا لا قاضيا فإنما كان كذلك لأن أثر الوجوب على الفور عملا في احتمال الإثم بالتأخير عن أول الوقت في الإمكان لا في خراج السنة الثانية و الثالثة من أن يكون و قتا للواجب كما في باب الصلاة و هذا لأن وجوب التعجيل إنما كان تحرزا عن الفوات فإذا عاش إلى السنة الثانية و الثالثة فقد زال احتمال الفوات فحصل الأداء في وقته كما في باب الصلاة و الله تعالى أعلم