وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فصل : في جزاء الصيد .
اعلم أن صيد البر على المحرم وصيد البحر حلال لقوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر } [ المائدة : 96 ] إلى آخر الآية وصيد البر ما يكون توالده ومثواه في البر الخقة واستثنى رسول الله A الخمس الفواسق وهي : الكلب العقور والذئب والحدأة والغراب والحية والعقرب فإنها مبتدئات بالأذى والمارد به الغراب الذي يأكل الجيف هو المروي عن أبي يوسف C : .
قال : وإذا قتل المحرم صيدا أول دل عليه من قتله فعليه الجزاء أما القتل فلقوله تعالى : { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء } [ المائدة : 95 ] الآية بالقتل والدلالة ليست بقتل فأشبه دلالة الحلا ل حلالا .
ولنا ما روينا من حديث أبي قتادة Bه وقال عطاء C : أجمع الناس على أن الدال الجزاء ولأن الدلالة من محظورات الإحرام ولأنه تفويت الأمن على الصيد إذ هو آمن بتوحشه وتواريه فصار كالإتلاف ولأن المحرم بإحرام التزم الامتنعاع عن التعرض فيضمن بترك ما التزمه كالمودع بخلاف الحلال لأنه لا التزام من جهته على أن فيه الجزاء على ما روي عن أبي يوسف و زفر رحمهما الله والدلالة الموجبة للجزاء أن لا يكون الملول عالما بمكان الصيد وأن يصدقه في الدلالة حتى لو كذبه وصدق غيره لا ضمان على المكذب ولو كان الدال حلالا في الحرم لم يكن عليه شيء لما قلنا وسواء في ذلك العامد والناسي لأنه ضمان يعتمد وجوبه الإتلاف فأشبه غرامات الأموال والمبتديء والعائد سواء لأن الموجب لا يختلف والجزاء عند أبي حنيفة و أبي يوسف أن يقوم الصيد في المكان الذي قتل فيه أو في أقرب المواضع منه إذا كان في برية فيقومه ذوا عدل ثم هو مخير في الفداء إن شاء ابتاع بها هديا وذبحه إن بلغت هديا وإن شاء اشترى بها طعاما وتصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير وإن شاء صام على مانذكر وقال محمد و الشافعي : يجب في الصيد النظير فيما له نظير ففي الظبي شاة وفي الضبع شاة وفي الأرنب عناق وفي اليربوع جفرة وفي النعامة بدونة وفي حمار الوحش بقرة لقوله تعالى : { فجزاء مثل ما قتل من النعم } [ المائدة : 95 ] ومثله من النعم ما يشبه المقتول صورة لأن القيمة لا تكون نعما والصحابة Bهم أوجبوا النظير من حيث الخلقة والمنظر في النعامة والظبي وحمار الوحش والأرنب على ما بينا وقال E [ الضبع صيد وفيه الشاة ] وما ليس له نظير عند محمد تجب فيه القيمة مثل العصفور والحمام وأشباههما وإذا وجبت القيمة كان قوله كقولهما و الشافعي C تعالى يوجب في الحمامة شاة ويقبت المشابهة بينهما من حيث إن كل واحد منهما يعب ويهدر و لأبي حنيفة و أبي يوسف أن المثل المطلق هو المثل صورة ومعنى ولا يمكن الحل عليه فحمل عليه فحمل على المثل معنى لكونه معهودا في الشرع كما في حقوق العباد أو لكونه مرادا بالإجماع أو لما فيه من التعميم وفي ضده التخصيص والمراد بالنص والله أعلم .
فجزاء قيمة ما قتل ما قتل من النعم الوحشي واسم النعم يطلق على الوحشي والأهلي كذا قال أبو عبيدة و الأصمعي رحمهما الله والمارد بما روي التقدير به دون إيجاب المعين ثم الخيار غلى القاتل في أن يجعله هديا أو طعاما أو صوما عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله وقال محمد و الشافعي رحمهما الله : : الخيار إلى الحكمين في ذلك فإن حكما بالهدي يجب النظير على ما ذكرنا وإن حكما بالطعام أو بالصيام فعلى ما قال أبو حنيفة و أبو يوسف لهما أن التخيير شرع رفقا بمن عليه فيكون الخيار إليه كما في كفارة اليمين و لمحمد و الشافعي قوله تعالى : { يحكم به ذوا عدل منكم هديا } [ المائدة : 95 ] الآية ذكر الهدي منصوبا لأنه تفسير لقوله { يحكم به } [ المائدة : 95 ] أو مفعول لحكم الحكم ثم ذكر الطعام والصيام بكلمة ( أو ) فيكون الخيار إليهما قلنا : الكفارة عطفت على الجزاء لا على الهدي بدليل أنه مرفوع وكذا قوله تعالى : { أو عدل ذلك صياما } [ المائدة : 95 ] مرفوع فلم يكن فيها دلالة اختيار الحكمين وإنما يرجع إليهما في تقويم المتلف ثم الاختيار بعد ذلك إلى من عليه ويقومان في المكان الذي أصابه لاختلاف القيم باختلاف الأماكن فإن كان الموضع برا لا يباع فيه الصيد يعتبر أقرب المواضع إليه مما يباع فيه ويشترى وقالوا : والواحد يكفي والمثنى أولى لأنه أحوط وأبعد عن الغلط كما في حقوق العباد وقيل يعتبر المثنى ههنا بالنص والهدي لا يذبح إلا بمكة لقوله تعالى : { هديا بالغ الكعبة } [ المائدة : 95 ] ويجوز الإطعام في غيرها خلافا للشافعي C هو يعتبره بالهدي والجاع التوسعة على سكان الحرم ونحن نقول الهدي قربة غير معقولة فيختص بمكان أو زمان أما الصدقة قربة مقولة في كل زمان ومكان .
والصوم يجوز في غير مكة لأنه قربة في كل مكان فإن ذبح الهدي بالكوفة أجزأه عن الطعام C معناه إذا تصدق باللحم وفيه وفاء بقيمة الطعام لأن الإراقة لا تنوب عنه وإذا وقع الاختيار على الهدي يهدي ما يجزيه في الأضحية لأن مطلق اسم الهدي منصرف إليه وقال محمد و الشافعي : يجزي صعار النعم فيها لأن الصحابة Bهم أوجبوا عنقا وجفرة وعند أبي حنيفة و ابي يوسف يجوز الصغار على وجه الإطعام : يعني إذا تصدق وإذا وقع الاختيار على الطعام يقوم المتلف بالطعام عندنا لأنه هو المضمون لتعتبر قيمته .
وإذا اشترى بالقيمة طعاما تصدق على كل مسكين نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو شعير ولا يجوز أن يطعم المسكين أقل من نصف صاع لأن الطعام المذكور ينصرف إلى الطعام المعهود في الشرع وإن اختار الصيام يقوم المقتول طعاما ثم يصوم عن كل نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير يوما لأن تقدير الصيام بالمقتول غير ممكن إذا لا قيمة للصيام فقدرناه بالطعام والتقدير على هذا الوجه معهود في الشرع كما في باب الفدية فإن فضل من الطعام أقل من نصف صاع فهو مخير إن شاء تصدق به وإن شاء صام عنه يوما كاملا لأن الصوم أقل من يوم غير مشروع وكذلك إن كان الواجب دون الطعام مسكين يطعم قدر الواجب أو يصوم يوما كاملا لما قلنا .
ولو جرح صيدا أو نتف شعره أو قطع عضوا منه ضمن ما نقصه اعتبارا للبعض بالكل كما في حقوق العباد ولو نتف ريش طائر أو قطع قوائم صيد فخرج من حيز الامتناع فعليه قيمته كاملة لأنه فوت عليه الأمن بتفويت آلة الامتناع فيغرم جزاءه .
ومن كسر بيض نعامة فعليه قيمته وهذا مروي عن علي وابن عباس Bهم ولأنه أصل الصيد وله عرضية أن يصير صيدا فنزل منزلة الصيد احتياطا ما لم يفسد فإن خرج من البيض فرخ ميت فعليه قيمته حيا وهذا استحسان ولاقياس أن لا يغرم سوى البيضة لأن حياة الفرخ غير معلومة وجه الاستحسان أن البيض معد ليخرج منه الفرخ الحي والكسر قبل أوانه سبب لموته فيحال به عليه احتياطا وعلى هذا إذا ضرب بطن ظبية فألقت جنينا ميتا وماتت فعليه قيمتهما .
وليس في قتل الغراب والحدأة والذئب والحية والعقرب والفأرة والكلب والعقور جزاء لقوله E [ خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم : الحدأ والحية والعقرب والفأرة والكلب العقور ] وقال E [ يقتل المحرم الفأرة والغراب والحدأة والعقرب والحية والكلب العقور ] وقد ذكر الذئب في بعض الروايات وقيل المراد بالكلب العقور الذئب أو يقال إن الذئب في معناه والمراد بالغراب الذي يأكل الجيف ويخلط لأنه يبتدئ بالأذى أما العقيق فغير مستثنى لأنه لا يسمى غرابا ولا يتبديء بالأذى وعن أبي حنيفة C أن الكلب العقور وغير العقور والمستأنس والمتوحش منهما سواء لأن المعتبر في ذلك الجنس وكذا الفارة الأهلية والوحشية سواء والضب واليربوع ليسا من الخمس المستثناة لأنهما لا يبتدئان بالأذى وليس في قتل البعوض والنمل والبراغيث والقراد شيء لأنها ليست بصيود وليست بمتولدة من البدن ثم هي مؤذية بطباعها والمراد بالنمل السود أو الصفر التي تؤذي وما لا يؤذي لا يحل قتلها ولكن لا يجب الجزاء للعلة الأولى .
ومن قتل قملة تصدق بها شاء مثل كف من إطعام لأنها متوالدة من التفق الذي على البدن وفي الجامع الصغير أطعم شيئا وهذا يدل على أنه يجزيه أن يطعم مسكينا شيئا يسيرا على سبيل الإباحة وإن لم يكن مشبعا .
ومن قتل جرادة تصدق بما شاء لأن الجراد من صيد البر فإن الصيد ما لا يمكن أخذه إلا بحيلة ويقصده الآخذ وتمرة خير من جرادة لقوله عمر Bه : تمرة خير من جرادة ولا شيء عليه في ذبح السلحفاة لأنه من الهوام والحشرات فأشبه الخنافس والوزغات ويمكن أخذه من غير حيلة وكذا لا يقصد بالأخذ فلم يكن صيدا .
ومن حلب صيد الحرم فعليه قيمته لأن اللبن من أجزاء الصيد فاشبه كله .
ومن قتل ما لا يؤكل لحمه من الصيد كالسبع ونحوها فعليه الجزاء إلا ما استثناه الشرع وهو ماعدناه وقال الشافعي C : لا يجب الجزاء لأنها جبلت على الإيذاء تدخلت في الفواسق المستثناة وكذا اسم الكلب يتنال السباع بأسرها لغة .
ولنا أن السبع صيد لتوحشه وكونه مقصودا بالأخذ وإما لجلده أو ليصطاد به أو لدفع أذاه والقياس على الفواسق متنع لما فيه من إبطال العدد وأسم الكلب لا يقع على السبع عرفا والعرف أملك ولا يجاوز بقيمته شاة وقال زفر C : تجب قيمته بالغة ما بلغت اعتبارا بمأكول اللحم .
ولنا قوله E [ الضبع صيد وفيه الشاة ] ولأن اعتبار قيته لمكان الانتفاع بجلده لا لأنه محارب مؤذ ومن هذا الوجه لا يزداد على قية الشاة ظاهرا .
وإذا صال السبع على المحرم فقتله لا شيء عليه وقال زفر C : يجب الجزاء اعتبارا بالجمل الصائل .
ولنا ما روي عن عمر Bه : أنه قتل سبعا وأهدى كبشا وقال إنا ابتدأناه ولأن المحرم منوع عن التعررض لا عن دفع الأذى ولهذا كان مأذونا في دفع المتوهم من الأذى كما في الفواسق فلأن يكون مأذونا فلأن يكون مأذونا في دفع المتحقق منه أولى ومع وجود الإذن من الشارع لا يجب الجزاء حقا له بخلاف الجل الصائل لأنه لا إذن من صاحب الحق وهو العبد وإن اضطر المحرم إلى قتل صيد فقتله فعليه الجزاء لأن الإذان مقيد بالكفارة بالنص على ما تلوناه من قبل .
ولا بأس للمحرم أن يذبح الشاة والبقرة والبعير والدجاجة والبط الأهلي لأن هذه الأشياء ليست لعدم التوحش والمراد بالبط الذي يكون في المساكن والحياض لأنه ألوف بأصل الخلقة .
ولو ذبح حماما مسرولا فعليه الجزاء خلافا لمالك C : له أنه ألوف مستأنس ولا يمتنع بجانحه لبطء نهوضه ونحن نقول الحمالم متوحش بأصل الخلقة ممتنع بطيرانه وإن كان بطيء النهوض والاستئناس عارض فلم يعتبر وكذا إذا قتل ظبيا مستأنسا لأنه صيد في الأصل فلا يبطله الاستئناس كالبعير إذا ند لا يأخذ حكم الصيد في الحرمة على المحرم .
وإذا ذبح المحرم صيدا فذبيحته ميتة لا يحل أكلها وقال الشافعي C يحل ما ذبحه المحرم لغيره لأنه عامل له فانتقل فعله إليه .
ولنا أن الذكاة فعل مشروع وهذا فعل حرام فلا يكون ذكاة كذبيحة المجوسي وهذا لأن المشروع هو الذي قام مقام الميز بين الدم واللحم تيسيرا فينعدم بانعدامه فإن أكل المحرم الذابح من ذلك شيئا فعليه قيمة ما أكل عند أبو حنيفة C وقالا : ليس عليه جزاء ما أكل وإن أكل منه محرم آخر فلا شيء عليه في قولهم جميعا لهما أن هذه ميتة فلا يلزمه بأكلها غلا ارلاستغفار وصار كما إذا أكله محرم غيره و لأبي حنيفة أن حرمته باعتبار كونه ميتة كما ذكرنا وباعتبار أنه محظور إحراحه لأن إحرامه هو الذي أخرج الصيد عن المحلية والذابح عن الأهلية في حق الذكاة فصارت حرمة التناول بهذه الوسائط مضافة إلى إحرامه بخلاف محرم آخر لأن تناوله ليس من محضورات إحراممه .
ولا بأس بأن يأكل المحرم لحم صيد اصطاده حلال وذبحه إذا لم يدل المحرم عليه ولا أمره بصيده خلافا لمالك C فيما إذا اصطاده لأجل المحرم له قوله E [ لا باس بأكل المحرم لحم صيد ما لم يصده أو يصاد له ] ولنا ماروي أن الصحابة Bهم تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم فقال E : [ لا بأس به ] واللام فيما روي لامك تمليك فيحجمل على أن يهدى إليه الصيد دون اللحم أو معناه أن يصاد بأمره ثم شرط عدم الدلالة وهذا تنصيص على أن الدالة محرمة قالوا فيه روايتان ووجه الحرمة حديث أبي قتادة Bه وقد ذكرناه وفي صيد الحرم إذا ذبحه الحلال قيمته يتصدق بها على الفقراء لأن الصيد استحق الأمن بسبب الحرم قال E في حديث فيه طول [ ولا ينفر صيدها ] ولا يجزئه الصوم لأنها غرامة وليست بكفارة فأشبه ضمان الأموال وهذا لأنه يجب بتفويت وصف في المحل وهو الأمن والواجب على المحرم بطريق الكفارة جزاء على فعله لأن الحرمة باعتبار معنى فيه وهو إحرام والصوم يصلح جزاء الأفعال لا ضمان المحال وقال زفر C : يجزئه الصوم اعتبار بما وجب على المحرم والفرق قد ذكرناه وهل يجزئه الهدي ؟ ففيه روايتان .
ومن دخل الحرم بصيد فعليه أن يرسله فيه إذا كان في يده خلافا للشافعي C فإنه يقول : حق الشرع لا يظهر في مملوك العيد لحاجة العبد .
ولنا أنه لما حصل في الحرم وجب ترك التعرض لحرمة الحرم إذا صار هو من صيد الحرم فاستحق الأمن لما روينا فإن باعه رد البيع فيه إن كان قائما لأن البيع لم يجز لما فيه من التعرض للصيد وذلك حرام وإن كان فائتا فعليه الجزاء لأن تعرض للصيد بتفويت الأمن التي استحقه وكذلك بيع المحرم الصيد من محرم أو حلال لما قلنا .
ومن أحرم وفي بيته أو في قفص معه صيد فليس عليه أن يرسله وقال الشافعي C : يجب عليه أن يرسله لأنه متعرض للصيد بإمساكه في ملكه فصار كما إذا كان في يده ولنا أن الصحيابة Bهم كانوا يحرمون في بيوته صيود ودواجب ولم ينقل عنهم إرسالهم وبذلك جرت العادة الفاشية وهي من إحدى الحجج ولأن الواجب ترك التعرضي وهو ليس بمتعرض من جهته لأنه محفوظ بالبيت والقفص لا به غير أنه في ملكه ولو أرسله في مفازة فهو على ملكه فلا معتبر ببقاء الملك وقيل إذا كان القفص في يده لزمه إرساله لكن على وجه لا يضيع .
قال : فإن أصاب حلال صيدا ثم أحرمه فأرسله من يده غيره يضمن عند أبي حنيفة C وقالا : لا يضمن لأن المرسل آمر بالمعروف ناه عن لمنكر وما على المحسنين من سبيل وله أنه ملك الصيد بالأخذ ملكا محترما فلا يبطل احترامه بإحرامه وقد أتلفه المرسل فيقضمنه وبخلاف ما إذا أخذه في حالة الإحرام لأنه لم يملكه والواجب عليه ترك التعرض ويمكنه ذلك بأن يجليه في بيته فإذا قطع يده عنه كان متعديا ونظيره الاختلاف في كسر المعازف وإن أصاب محرم صيدا فأرسله من يده غيره لا ضمان عليه بالاتفاق لأنه لم يملكه بالأخذ فإن الصيد لم يبق محلا للتملك في حق المحرم لقوله تعالى : { وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما } [ المائدة : 96 ] فصار كما إذا اشترى الخمر فإن قتله محرم آخر في يده فعلى كل واحد منهما جزاؤه لأن الآخذ متعرض للصيد الآمن والقاتل مقرر لذلك والتقرير كالابتداء في حق التضمين كشهود الطلاق قبل الدخول إذا رجعوا ويرجع الآخذ على القاتل وقال زفر C : لا يرجع لأن الآخذ مؤاخذ بصنعه فلا يرجع على غيره ولنا أن الآخذ إنما يصير سببا للضمان عند اتصال الهلاك به فهو بالقتل جعل فعل الآخذ علة فيكون في معنى مباشرة علية العلة فيحال بالضمان عليه .
فإن قطع حشيش الحرم أو شجرة ليست بمملوكة وهو مما لا ينبته الناس فعليه قيمته إلا فيما جف منه لأن حرمتهما ثبتت بسبب الحرم قال E [ لا يختلي خلاها لا يعضد شوكها ] ولا يكون للصوم في هذه القيمة مدخل لأن حرمة تناولها بسبب الحرم لا بسبب الإحرام فكان من ضمان المحال على ما بينا ويتصدق بقيمته على الفقراء وإذا أداها ملكه كما في حقوق العابد ويكره بيعه بعد القطع لأنه ملكه بسبب محظور شرعا فلو أطلق له في بيعه لتطرق الناس إلى مثله إلا أنه يجوز البيع مع الكراهة بخلاف الصيد والفرق ما نذكره والذي ينبته الناس عادة عرفناه غير مستحق للأمن بالإجماع ولأن المحرم المسنون إلى الحرم والنسبة إليه على الكمال عند عدم النسبة إلى غيره بالإنبات وما لا ينبت عادة إذا أنبته إنسان التحق بما ينبت عادة ولو نبت بنفسه في ملك رجل فعلى قاطعه قيمتها قيمة لحرمة الحرم وحقا للشرع وقيمة أخرى ضمانا لمالكه كالصيد المملوك في الحرم وما جف من شجر الحرم لا ضمان فيه لأنه ليس بنام ولا يرعى حشيش الحرم ولا يقطع إلا الإذخر وقال أبو يوسف C : لا بأس بالرعي لأن فيه ضروروة قفإن منع الدواب عنه متعذر ولنا ما روينا والقطع بالمسافر كالقطع بالمناجل وجمل الحشيش من الحل ممكن فلا ضرورة بخلاف الإذيخر لأنه استثناه رسول الله A فيجوز قطعه ورعيه وبخلاف لاكمأة لأنها ليست من جملة النبات وكل شيء فعله القارن مما ذكرنا أن فيه على المفرد دما فعليه دمان دم لحجته ودم لعمرته وقال الشافعي C : دم واحد بناء على أنه محرم بإحرام واحد عنده وعندنا بإحرامين وقد مر من قبل .
قال : إلا أن يتجاوز الميقات غير محرم بالعمرة أو الحج فيلزمه دم واحد خلافا لزفر C لما أن المستحق عليه عند الميقات إحرام واحد وبتأخير واجب واحد لا يجب إلا جزاء واحد .
وإذا اشترك محرمان في قتل صيد فعلى كل واحد منهما جزاء كامل لأن كل واحد منهما بالشركة يصير جانيا جناية تفوق الدلا لة فيتعدد الجزاء بتعدد الجناية .
وإذا اشترك حلالان في قتل صيد الحرم فعليهما جزاء واحد لأن الضمان بدل عن المحل لا جزاء عن الجناية فيتحد باتحاد المحل كرجلين قتلا رجلا خطأ تجب عليهما دية واحدة وعلى كل واحد منهما كفارة .
وإذا باع المحرم الصيد أو ابتاعه فالبيع باطل لأن بيعه حيا تعرض للصيد الآمن وبيعه بعد ما قتله بيع ميتة .
ومن أخرج ظبية من الحرم فولدت أولادا فماتت هي وأولادها فعليه جزاؤهن لأن الصيد بعد الإخراج من الحرم بقي مستحقا للأمن شرعا ولهذا وجب رده إلى مأمنه وهذه صفة شرعية فتسري إلى الولد فإن أدى جزاءها ثم ولدت ليس عليه جزاء الولد لأن بعد أداء الجزاء لم تبق آمنة لأن وصول الخلف كوصول الأصل والله أعلم بالصواب