وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

توصلها إلى مطلوبها الذي هو متوجهة إليه وهو دخولها حضرة القرب من الله تعالى كما أن المطية توصل راكبها إلى مطلوبه .
( 56 ) النور جند القلب كما أن الظلمة جند النفس . فإذا أراد الله أن ينصر عبده أمده بجنود الأنوار وقطع عنه مدد الظلم والأغيار .
يعني أن النور للقلب في كونه يتوصل به إلى مقصده وهو حضرة الرب بمنزلة الجند للأمير في كونه يتوصل به إلى مقصوده من قهر أعدائه كما أن الظلمة التي هي من وساوس الشيطان جند النفس الأمارة بالسوء - دون المطمئنة فإنها توافق العقل أبداً - . ومقصد النفس الأمارة الشهوات والأغراض العاجلة . فلا يزال الحرب بينهما وبين العقل . فإذا أراد الله أن ينصر عبده أي يعينه على قمع شهواته أمده أي أمد قلبه الذي فيه العقل بجنود الأنوار أي بالأنوار الشبيهة بالجنود أو بجنود هي الأنوار وقطع عنه مدد الظُّلَم - بفتح اللام جمع ظلمة - أي مدداً هو الظلم . وعطف الأغيار عليه من عطف المرادف يعني وإذا أراد خذلانه فعلى العكس من ذلك . فعلى العبد أن يفزع إلى ربه عند التقاء الصفين ويسأله الإعانة على النفس الأمارة بالسوء متوسلاً بسيد الكونين . قال ابن عباد : وهذه العبارات الخمس من قوله إنما أورد عليك الوارد إلى هنا تفنن فيها صاحب الكتاب وكررها بألفاظ مختلفة والمعاني فيها متقاربة . وهذه عادته في مواضع كثيرة من هذا الكتاب .
( 57 ) النور له الكشف والبصيرة لها الحكم والقلب له الإقبال والإدبار .
يعني أن النور الذي يقذفه الله في قلب المريد وهو العلم اللدني له الكشف أي كشف المعاني كحسن الطاعة وقبح المعصية . والبصيرة التي هي عين القلب لها الحكم أي إدراك الأمر الذي شاهدته وكشف لها عنه بالنور . فإنه كما لا يمكن إدراك البصر للمحسوسات إلا بالأنوار الظاهرة كالشمس والسراج لا يمكن إدراك البصيرة لشيء من المعاني إلا بالأنوار الباطنية . والقلب له الإقبال على ما كشف للبصيرة وحكمت بحسنه كالطاعة .
ص 61 .
والإدبار عما كشف لها وحكمت بقبحه كالمعصية وحينئذ تتبعه الجوارح لما في الحديث : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " كما تقدم .
( 58 ) لا تفرحك الطاعة لأنها برزت منك وافرح بها لأنها برزت من الله إليك . { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } ( 58 ) يونس .
أي لا يكون فرحك بالطاعة لأجل كونها برزت منك فإنك إذا فرحت بها من هذه الحيثية أورثتك العجب المحبط لها لأنك شاهدت أنها بحولك وقوتك . وإنما يكون فرحك بها لأجل كونها برزت من الله إليك وتفضل بها عليك قال تعالى : { وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } ( 96 ) الصافات . ولذا استدل بآية : { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } ( 58 ) يونس