وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 46 /
شبابه الإمبراطوري ما يدل على هذه الجسارة أوضح دليل. غير أن هذا الموقف الذي سبقته إليه سلسلة الأباطرة حيال البابوية قبل فردريك، دون جدوي أو نتيجة قريبة، برهن على شيء من القصور في بصيرة فردريك بالذات، لأنه آخر هذه السلسلة من الأباطرة، وكان ينبغي له ـ وهو الإمبراطور الذكي اللبيق ـ أن يدرك أن البابوية تستند في العصور الوسطى إلى قوة ليس في استطاعة الباحث الحديث إن يقيسها على وجه الدقة، كما أنه ليس من السهل على السياسي أن ينفذ إليها أو يستميلها إليه في سرعة. وربما كان منشأ ذلك الخطأ الذي دفع فردريك ثمنه غالبا، أنه برغم ما اتصف به من صفات عقلية توجب الالتفات في كل عصر ـ مثل البعد عن التعصب للون أو جنس، وهو التعصب الذي يشين الكثيرين من المحدثين أبناء العصر الحاضر، ومثل حب الاستطلاع الدائم في أسرار الطبيعة، وقوة الإيمان بالحق والمعرفة ـ، فإنه جمع في نفسه بين هذه الصفات النادرة والخرافات المألوفة في عصره ـ مثل الاعتقاد في المنجمين، والإذعان الأحمق لمشورات العرافين والكهان، والعجز عن التمييز بين الأسئلة التي تؤدي والتي لا تؤذي إلى إجابات علمية دقيقة. ذلك أنه على حين أدت بعض اسئلة فردريك إلى كشف شيء من الحقيقة، لم يكن في استطاعة أحد أن يجيب على بعض آخر منها مهما أوتي من العلم والإيمان، إلا أن يكون شاعراً فحلا متدينا ذا خيال واسع، ومثال ذلك: كم عدد الجهنمات؟ وما الأرواح التي تسكنها؟ وما أسماؤها؟ وأبن جهنم؟ وأبن الجنة هل تعرف روح الإنسان روحا ثانية في الحياة الآخرة وهل يمكن أن تعود الروح إلى الحياة الدنيا، وتظهر لأحد من الناس؟ وهذه الأسئلة وأشباهها في الدين والفلسفة هي التي أدت إلى سلسلة من المراسلات بين الإمبراطور فردريك الثاني هو هنشتاوفن والفيلسوف أبي الحق ابن سبعين الإشبيلي.
[للمقال بقية]