والرابع أن المشار إليه بقوله ليعلم الله فالمعنى ليعلم الله أني لم أخنه روي عن مجاهد قال ابن الأنباري نسب العلم إلى الله في الظاهر وهو في المعنى للمخلوقين كقوله حتى نعلم المجاهدين منكم محمد 31 .
فإن قيل إن كان يوسف قال هذا في مجلس الملك فكيف قال ليعلم ولم يقل لتعلم وهو يخاطبه .
فالجواب أنا إن قلنا إنه كان حاضرا عند الملك فإنما آثر الخطاب بالياء توقيرا للملك كما يقول الرجل للوزير إن رأى الوزير أن يوقع في قصتي وإن قلنا إنه كان غائبا فلا وجه لدخول التاء وكذلك إن قلنا إنه عني العزيز والعزيز غائب عن مجلس الملك حينئذ .
والقول الثاني أنه قول امرأة العزيز فعلى هذا يتصل بما قبله والمعنى ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته الآن بالكذب عليه .
والثالث أنه قول العزيز والمعنى ليعلم يوسف أني لم أخنه بالغيب فلم أغفل عن مجازاته على أمانته حكى القولين الماوردي .
قوله تعالى وأن الله لا يهدي كيد الخائنين قال ابن عباس لا يصوب عمل الزناة وقال غيره لا يرشد من خان أمانته ويفضحه في عاقبته وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين