- الحديث الأول : قال عليه السلام : .
- " الحنطة بالحنطة مثل بمثل يدا بيد والفضل ربا " وعد الأشياء الستة : الحنطة والشعير والتمر والملح والذهب والفضة على هذا المثال ويروى بروايتين : رفع " مثل " ونصبه .
قلت : روي من حديث عبادة بن الصامت ومن حديث الخدري ومن حديث بلال .
- فحديث عبادة بن الصامت : أخرجه الجماعة ( 1 ) - إلا البخاري - عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلف هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " انتهى .
- وأما حديث الخدري : فأخرجه مسلم ( 2 ) عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء " انتهى .
- وأما حديث بلال : فرواه البزار في " مسنده " حدثنا يوسف بن موسى ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي حمزة عن سعيد بن المسيب عن بلال مرفوعا نحوه سواء ليس فيه : فمن زاد إلى آخره قال البزار : وقد رواه قيس عن أبي حمزة عن سعيد بن المسيب عن عمر ابن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلّم انتهى .
- حديث آخر : أخرجه مسلم ( 3 ) عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه " انتهى . ليس فيه ذكر الذهب والفضة .
- حديث آخر : استدل به ابن الجوزي في " التحقيق " لأصحابنا أخرجاه في " الصحيحين " ( 4 ) عن سعيد بن المسيب أن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعث سواد ابن غزية وأمره على خيبر فقدم عليه تمر جنيب - يعني الطيب - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : لا والله يا رسول الله إنا نشتري الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة من الجمع فقال عليه السلام : لا تفعل ولكن بع هذا واشتر بثمنه من هذا وكذلك الميزان انتهى . قال : ووجه الحجة أنه اشترط المماثلة ولا يتحقق إلا بالكيل ثم قاس عليه الميزان أي ما يدخل تحت الوزن قال البيهقي : والأشبه في قوله : وكذلك الميزان إنه من قول أبي سعيد انتهى .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- أحاديث الخصوم : أخرج الدارقطني في " سننه " ( 5 ) عن المبارك بن مجاهد عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : " لا ربا إلا في ذهب أو فضة أو ما يكال أو يوزن أو يؤكل أو يشرب " انتهى . استدل به مالك في " الربا في المطعومات " وهو مرسل قال عبد الحق في " أحكامه " رواه المبارك بن مجاهد ووهم على مالك في رفعه وإنما هو قول سعيد قال ابن القطان : وليست هذه علته وإنما علته أن المبارك بن مجاهد ضعيف ومع ضعفه فقد انفرد عن مالك برفعه والناس رووه عنه موقوفا انتهى . قلت : رواه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي ثنا مالك بن أنس به موقوفا على ابن المسيب . ولم يتعرض البيهقي لرفعه أصلا .
- حديث آخر : استدل به ابن الجوزي في " التحقيق " لمالك والشافعي بحديث معمر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " الطعام بالطعام مثلا بمثل " رواه مسلم ( 6 ) قال : وحجتهم أن الطعام مشتق من الطعم فهو يعم المطعوم ( 7 ) .
- وأما حديث أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " إنما الربا في النسيئة " فحديث صحيح : أخرجه مسلم ( 8 ) ولكن أجاب البيهقي في " المعرفة " بأنه يحتمل أن الراوي اختصره فيكون النبي صلى الله عليه وسلّم سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة أو تمر بحنطة فقال : إنما الربا في النسيئة فأداه دون مسألة السائل قال : ونظير ذلك حديث : من قطع سدرا صوب الله رأسه في النار قال : فحمله المزني على سدر لقوم هجم إنسان على قطعه بغير حق فأدرك راوي الحديث جواب النبي صلى الله عليه وسلّم ولم يدرك المسألة قال : وحمله أبو داود السجستاني على سدر في فلاة يستظل بها الناس والبهائم فقطعه إنسان عبثا بغير حق قال : وهذا مع أن أسانيده مضطربة معلولة ذكرناها في " السنن " ومدارها على عروة بن الزبير وهو كان يقطعها من أرضه قال : وكبار الصحابة كلهم يقولون بربا الفضل وعثمان بن عفان وعبادة بن الصامت أقدم صحبة من أسامة وأبو هريرة وأبو سعيد أكثر حفظا عن النبي صلى الله عليه وسلّم وقد وردت أحاديثهم بذلك فالحجة فيما رواه الأكبر والأحفظ والأقدم أولى انتهى كلامه .
_________ .
( 1 ) عند مسلم في " البيوع - باب الربا " ص 25 - ج 2 ، وعند الترمذي في " البيوع - باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثل بمثل وكراهية التفاضل فيه " ص 160 - ج 1 ، قال الترمذي : وفي الباب عن أبي سعيد وأبي هريرة وبلال حديث عبادة حسن صحيح انتهى .
( 2 ) عند مسلم في " البيوع - باب الربا " ص 25 - ج 2 .
( 3 ) عند مسلم في " الربا " ص 25 - ج 2 .
( 4 ) عند مسلم في " باب الربا " ص 26 - ج 2 ، ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم استعمل رجلا على خيبر وفي لفظ آخر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعث أخا بني عدي الأنصاري الخ وعند البخاري في مواضع منها في " البيوع - باب إذا أراد بيع تمر بتمر خير منه " ص 293 ، ولم يسم هذا الرجل في شيء من طرق البخاري ولكن صرح الدارقطني في " البيوع " ص 296 - ج 2 أن اسمه : سواد بن غزية .
( 5 ) عند الدارقطني في " البيوع " ص 294 - ج 2 ، وعند مالك في " الموطأ - في البيوع - باب بيع الذهب بالورق عينا وتبرا " ص 26 - ج 2 .
( 6 ) عند مسلم في " الربا " ص 26 - ج 2 .
( 7 ) وقال ابن التركماني في " الجوهر " وقال ابن حزم : أجرى الشافعي الربا في السقمونيا ولا يطلق عليه اسم الطعام انتهى .
( 8 ) عند مسلم في " الربا " ص 27 ج 2