قد سمعت أقوال علماء الأمة وحفاظ الحديث في حق المؤلف الإمام الحافظ الجهبذ وأغنتنا كلماتهم الموجزة عن الإطناب في مدحه بيد أني أحاول أن أشير إلى لمعة من خصائص مؤلفه هذا " نصب الراية - لتخريج أحاديث الهداية " ليكون من بدء الأمر بصيرة لأولي الأبصار وبصرا لأرباب البصائر فيقع الكتاب في جذر قلوبهم بانبلاج وانشراح . فمن خصائص هذا الكتاب أنه - كما أصبح ذخيرة نادرة للمذهب الحنفي - كذلك أصبح ذخيرة ثمينة لأرباب المذاهب الأخرى من المالكي . والشافعي . والحنبلي فكما أن الحنفية يفتقرون إليه في التمسك بعراها الوثيقة كذلك أصحاب سائر المذاهب لا يستغنون عنه أبدا .
ولا بدع لو قلت : إنه دائرة المعارف العامة لأدلة فقهاء الأمصار حيث أحاط بأدلتها فلا يرى الباحث فيها بخسا ولا رهقا .
ومنها : - أن هذا الكتاب الفذ خدمة جليلة للأحاديث النبوية - على صاحبها الصلوات والتحيات - أكثر مما هو خدمة للمذهب الحنفي فليكن أمام الباحث الحثيث أنه كما يحتاج إليه الفقيه المتمسك بالمذهب كذلك يحتاج إليه المحدث فأصبح مقياسا ونبراسا للفقهاء والمحدثين .
ومنها - أنه نفع الأمة في الأحاديث بتعقبها بجرح وتعديل مع سرد الأسانيد ثم ذكر فقه الحديث وفوائده فالفقيه البارع يفوز بأربه من فقه الحديث والمحدث الجهبذ يقضي وطره من أحوال الرواة ولطائف الأخبار والتحديث .
ومنها - أنه وصل إلينا - بواسطة هذا العلق النفيس - نقول : من الكتب القيمة في الحديث التي أصبحت بعيدة شاسعة عن متناول أيدي أهل العلم وأبحاث سامية فيما يتعلق بالرجال من كتب أضاعتها يد الحدثان و لا نرى لها عينا غير أثر في الكتب الأثرية وكتب الطبقات والتراجم من ذكر أسمائها : " كصحيح " - أبي عوانة . و " صحيح " - ابن خزيمة . و " صحيح " - ابن حيان . و " صحيح " - ابن السكن . و " مصنف " - ابن أبي شيبة . و " مصنف " - عبد الرزاق . وكثير من المسانيد . والسنن . والمعاجم وككتاب " الاستذكار والتمهيد " - لابن عبد البر و " كتاب المعرفة والخلافيات " - للبيهقي وعدة كتب من تصانيف أبي بكر الخطيب البغدادي وكتب ابن عدي وكتب ابن أبي حاتم . وغيرهم .
ومن كتب المتأخرين ككتاب " الإلمام " و " الإمام " - للحافظ تقي الدين بن دقيق العيد وكتب ابن الجوزي " كجامع المسانيد " " والعلل المتناهية " و " كتاب التحقيق " وغيرها من كتب أعلام الأمة ومعالم الإسلام .
ومنها - أنه نرى فيه كلمات في موضوع الجرح والتعديل من أئمة الفن وجهابذة الحديث ونقدة الرجال ما لا نشاهده في الذخيرة التي بين أيدينا من كتب أسماء الرجال المطبوعة المتداولة بحيث لو أفردت منه جزء مجموع لأصبح كتابا ضخما في الموضوع .
فهذه خصائص عندي كلها على حيالها مزايا على حدة واليك فائدة من فوائد كتابه تمثيلا لما قلته