1 - ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) .
- جعله بعضهم مثالا للمتواتر ورده ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث له فقال وحديث الأعمال بالنيات ليس من ذلك السبيل أي سبيل المتواتر وأن نقله عدد المتواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره اه .
وفي التقريب للنووي ما نصه وحديث من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار متواتر لا حديث إنما الأعمال بالنيات اه أي فليس بمتواتر لأن شرطه وجود عدة التواتر في جميع طبقاته بأن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عن جمع كذلك إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه صلى الله عليه وسلّم وليس ذلك بموجود هنا إلا أن يراد التواتر المعنوي فيصح لأنه متواتر معنى لكونه ورد في طلب النية في العمل أحاديث كثيرة كما يأتي وقال المنذري في الترغيب زعم بعض المتأخرين أن هذا الحديث بلغ التواتر وليس كذلك فإنه مما انفرد به يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد ابن إبراهيم التيمي ثم رواه عن الأنصاري خلق كثير نحو مائتين وقيل سبعمائة وقيل أكثر وقد روي من طرق كثيرة غير طريق الأنصاري ولا يصح منها شيء كذا قال الحافظ علي بن المديني وغيره من الأئمة وقال الخطابي لا أعلم في ذلك خلافا بين أهل الحديث والله أعلم اه .
وقال العراقي أطلق بعضهم على الحديث اسم الشهرة وبعضهم اسم التواتر ولا كذلك وإنما هو فرد ومن أطلق ذلك أراد الاشتهار والتواتر في آخر السند فقد قال ابن المديني رواه عن يحيى بن سعيد سبعمائة رجل اه .
وفي شرح التقريب للسخاوي أنه لا يصح التمثيل به للمشهور فضلا عن المتواتر وإنما يمثل به للغريب قال لأن الحكم في مثله للأقل اه .
وحاصل ما للأئمة فيه أنه حديث فرد غريب باعتبار أوله بل تكررت الغرابة فيه أربع مرات باعتبار آخره لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلّم كما قاله غير واحد من الحفاظ إلا من حديث عمرو لا عن عمر إلا من رواية علقمة ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي ولا عن التيمي إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري ومداره عليه وأما بعد يحيى فقد رواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة وفي كلام الحافظ أبي عبد الله محمد بن علي الخشاب أنه رواه عنه مائتان وخمسون نفرا وذكر ابن منده أسماءهم مرتبة على حروف المعجم فبلغت ثلاثمائة أو أربعة قال الحافظ ابن حجر في أماليه المخرجة على مختصر ابن الحاجب الأصلي وقد وقع لي من رواية ثلاثة غير من سمى وذكر الحافظ أبو موسى المديني أن الحافظ أبا إسماعيل الهروي المعروف بشيخ الإسلام ذكر أنه كتبه عن سبعمائة رجل من أصحاب يحيى قال الحافظ وهذا يمكن تأويله بأن يكون له عن كل نفس من أصحاب يحيى أكثر من طريق فلا تزيد العدة على ما سمي ابن منده فإن الرواة عن يحيى لا يبلغون هذه العدة فيما نعلم وأكثر من سمي ابن منده ما وقفنا على رواياتهم اه . وقال في تخريج أحاديث الرافعي تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقا اه .
وذكر أبو القاسم عبد الرحمان ابن منده في كتاب التذكرة له أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلّم مع عمر علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وأبو ذر وعبادة ابن الصامت وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن عمر وابن عباس ومعاوية وعقبة بن عامر وعتبة بن عبد السلمي وجابر وأنس وعتبة ابن الندر وعتبة بن مسلم وهلال بن سويد وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل المزي عن كلام ابن منده هذا فاستبعده ووجهه الحافظ أبو الفضل العراقي في كلامه على ابن الصلاح بأن مراده أن هؤلاء رووا أحاديث في مطلق اعتبار النية لا خصوص هذا اللفظ ونبه على أن الأخيرين ليسا بصحابيين قال الحافظ وقد ورد بلفظه من حديث أربعة من المذكورين وهم أبو سعيد وأنس وأبو هريرة وعمر اه .
وذكر الحافظ أبو الفضل العراقي أنه رواه ثلاث وثلاثون صحابيا أي وهم من تقدم ويزاد عليهم أبو الدرداء وسهل بن سعد والنواس بن سمعان وأبو موسى الأشعري وصهيب بن سنان أبو أمامة الباهلي وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وصفوان ابن أمية وغزية بن الحارث والحارث بن غزية وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وصفية بنت حيي ويعني أنهم رووا أحاديث في مطلق النية لقول ولده الولد العراقي هو منحصر في رواية عمر وما عداه ضعيف أو في مطلق النية اه .
وذكر ابن منده أيضا أنه رواه عن عمر غير علقمة جماهير منهم ابنه عبد الله وجابر وأبو جحيفة وعبد الله بن عامر بن ربيعة وذو الكلاع وعطاء ابن يسار وناشرة بن سمي وواصل ابن عمرو الجذامي ومحمد بن المنكدر وأنه رواه عن علقمة غير محمد بن إبراهيم سعيد بن المسيب ونافع مولى ابن عمر وأنه رواه عن محمد غير يحي أخوه عبد ربه بن سعيد وحجاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق وداود بن أبي الفرات ومحمد ابن عمرو ابن علقمة الليثي وكان ابن منده هذا هو الذي ادعى تواتره فلذلك احتاج إلى هذا التكلف الذي ذكره فإن أراد التواتر المعنوي فذاك وإلا فممنوع لأنه لم يصح له طريق غير طريق عمر ولم يرد بلفظ حديث عمر إلا من حديث أبي سعيد وقد صرحوا بتغليظ راويه فيه وحديث علي وفيه من لا يعرف وحديث أنس وهو غريب جدا وحديث أبي هريرة وهو ضعيف وسائر أحاديث الصحابة المذكورين إنما هي في مطلق النية كحديث يبعثون على نياتهم وحديث لا عمل لمن لا نية له وحديث ليس للمرء من عمله إلا ما نواه وحديث نية المؤمن خير من عمله وحديث ليس له من غزاته إلا ما نوى وحديث ولكن جهاد ونية وحديث رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته وحديث لك ما نويت يا يزيد وما أشبه ذلك وقد قال السيوطي في منتهى الآمال في شرح حديث إنما الأعمال ورد في مطلق النية أحاديث كثيرة جدا تزيد على عدد التواتر ثم ذكر بعضها من حديث أنس وابن عباس ورافع بن خديج وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وغزية بن الحارث وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعقبة بن عامر وأبي ذر وأبي الدرداء فانظره وانظر أيضا أمالي الحافظ ابن حجر المخرجة على مختصر ابن الحاجب الأصلي وشرح التقريب للسيوطي في الكلام على الشاذ وإرشاد الساري وغير ذلك وبهذا كله تعلم ما في قول الشعراني في البدر المنير حديث الأعمال بالنيات رواه الشيخان لكن بزيادة إنما الأعمال رواه ثلاثون صحابيا فهو من الأحاديث المتواترة اه .
ثم هذا الحديث من الأحاديث التي لم يذكرها السيوطي في الأزهار لأن مراده فيه والله أعلم بيان المتواتر اللفظي لا المعنوي وإن أورد فيه الكثير مما هو معنوي أيضا والله المرشد