( تابع . . . 1 ) : 149 - يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم .
وذكر محمد بن إسحاق قال : لما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الشعب أدركه ( أبي بن خلف ) وهو يقول : لا نجوت إن نجوت فقال القوم : يا رسول الله يعطف عليه رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " دعوه " فلما دنا منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلّم الحربة من الحارث بن الصمة فقال بعض القوم كما ذكر لي : فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلّم منه انتفض بها انتقاضة تطايرنا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انفض ثم استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلّم فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا ( تدأدأ : سقط ) .
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " اشتد غضب الله على قوم فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلّم - وهو حينئذ يشير إلى رباعيته - واشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلّم في سبيل الله " . وعن عائشة أم المؤمنين Bها قالت : كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال : ذاك يوم كله لطلحة ثم أنشأ يحدث قال : كنت أول من فاء يوم أحد فرايت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم دونه - وأراه قال حمية - فقلت : كن طلحة حيث فاتني ما فاتني فقلت : يكون رجلا من قومي أحب إلي وبين وبين المشركين رجل لا أعرفه وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم منه وهو يخطف المشي خطفا لا أعرفه فإذا هو ( أبو عبيدة بن الجراح ) فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه وقد دخل في وجنته من حلق المغفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم " عليكما صاحبكما يريد طلحة " وقد نزف فلم نلتفت إلى قوله قال : وذهبت لأنزع ذلك من وجهه فقال ( أبو عبيدة : ) : أقسمت عليك بحقي لما تركتني فتركته فكره أن يتناولها بيده فيؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأزم عليها بفيه فاستخرج إحدى الحلقتين ووقعت ثنيته مع الحلقة وذهبت لأصنع ما صنع فقال : أقسمت عليك بحقي لما تركتني قال ففعل مثل ما فعل في المرة الأولى ووقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتما فاصلحنا من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم أتينا ( طلحة ) في بعض تلك الجفار فإذا به بضع وسبعون أو أقل أو أكثر من طعنة ورمية وضربة وإذا قد قطعت أصبعه فأصلحنا من شأنه ( أخرجه أبو داود الطيالسي والطبراني ) وقال ابن وهب : إن ( مالكا ) أبا أبي سعيد الخدري لما جرح النبي A يوم أحد مص الجرج حتى أنقاه ولاح أبيض فقيل له : مجه فقال : لا والله لا أمجه أبدا ثم أدبر يقاتل فقال النبي A : " من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا فاستشهد " . وقد ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد أنه سئل عن جرح رسول الله A فقال : جرح وجه رسول الله A وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه A فكانت فاطمة تغسل الدم وكان علي يسكب عليه الماء بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة من حصير فاحرقتها حتى إذا صارت رمادا ألصقته بالجرح فاستمسك الدم وقوله تعالى : { فأثابكم غما بغم } أي فجزاكم غما على غم كما تقول العرب : نزلت ببني فلان نزلت على بني فلان وقال ابن جرير : وكذا قوله : { ولأصلبنكم في جذوع النخل } أي على جذوع النخل . قال ابن عباس : الغم الأول بسبب الهزيمة وحين قيل قتل محمد A والثاني حين علاهم المشركون فوق الجبل وقال النبي A : " اللهم ليس لهم أن يعلونا " وعن عبد الرحمن بن عوف : الغم الأول بسبب الهزيمة والثاني حين قيل : قتل محمد A كان ذلك عندهم أشد وأعظم من الهزيمة . وقال السدي : الغم الأول بسبب ما فاتهم من الغنيمة والفتح والثاني بإشراف العدو عليهم . وقال محمد بن إسحاق : { فأثابكم غما بغم } أي كربا بعد كرب من قتل من قتل من إخوانكم وعلو عدوكم عليكم وما وقع في أنفسكم من قتل نبيكم فكان ذلك متتابعا عليك غما بغم . وقال مجاهد وقتادة : الغم الأول سماعهم قتل محمد والثاني ما أصابهم من القتل والجراح . وقوله تعالى : { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم } أي على ما فاتكم من الغنيمة والظفر بعدوكم { ولا ما أصابكم } من الجراح والقتل قاله ابن عباس والسدي { والله خيبر بما تعملون } سبحانه وبحمده لا إله إلا هو جل وعلا