يقول تعالى مخبرا عن كتابه العزيز وما اشتمل عليه من الهدى والبيان والفرقان أنه يقص على بني إسرائيل وهم حملة التوراة والإنجيل { أكثر الذي هم فيه يختلفون } كاختلافهم في عيسى وتباينهم فيه فاليهود افتروا والنصارى غلوا فجاء القرآن بالقول الوسط الحق العدل أنه عبد من عباد الله وأنبيائه ورسله الكرام عليه أفضل الصلاة والسلام كما قال تعالى : { ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون } وقوله { وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين } أي هدى لقلوب المؤمنين به ورحمة لهم في العمليات .
ثم قال تعالى : { إن ربك يقضي بينهم } أي يوم القيامة { بحكمه وهو العزيز } أي في انتقامه { العليم } بأفعال عباده وأقوالهم { فتوكل على الله } أي في جميع أمورك وبلغ رسالة ربك { إنك على الحق المبين } أي أنت على الحق المبين وإن خالفك من خالفك ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية ولهذا قال تعالى : { إنك لا تسمع الموتى } أي لا تسمعهم شيئا ينفعهم فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة وفي آذانهم وقر الكفر ولهذا قال تعالى : { ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون } أي إنما يستجيب لك من هو سميع بصير السمع والبصر النافع في القلب والبصيرة الخاضع لله ولما جاء عنه على ألسنة الرسل عليهم السلام