وتلقاها بعضهم عن بعض فردا عن فرد وجماعة عن جماعة وجيلا عن جيل حتى وصل إلينا متواترا ثم ها هو القرآن نفسه يتوعد كاتميه ويقول إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينت والهدى من بعد ما بينه للناس في الكتب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم .
والنبي يقول بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار رواه البخاري والترمذي وأحمد ويقول خيركم من تعلم القرآن وعلمه رواه الشيخان .
ترجمة القرآن بمعنى تفسيره بلغته العربية .
هذا هو الإطلاق الثاني المستند إلى اللغة أيضا كما مر ويراد به تفسير القرآن بلغته العربية لا بلغة أخرى وغني عن البيان أن حكمة الجواز بالمعنى الآنف وإن كنت في شك فهاك القرآن نفسه يقول الله فيه لنبيه وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولقد قام الرسول صلوات الله وسلامه عليه ببيانه العربي خير قيام حتى اعتبرت السنة النبوية كلها شارحة له ونقل منها في التفسير بالمأثور شيء كثير ولقد تأثر العلماء برسول ا لله في ذلك منذ عهد الصحابة إلى اليوم وها هي المكتبات العامة والخاصة زاخرة بالتفاسير العربية للقرآن الكريم على رغم ما اندثر منها وعلى رغم ما يأتي به المستقبل من تفاسير يؤلفها من لا يقنعون بقديم ويتلقاها عنهم من يجدون في أنفسهم حاجة إلى عرض جديد لعلوم القرآن والدين ومما يدل على أن القرآن بحر الله الخضم وأن العلماء جميعا من قدامى ومحدثين لا يزالون وقوفا بساحله يأخذون منه على قدر قرائحهم وفهومهم والبحر بعد ذلك هو البحر في فيضانه وامتلائه والقرآن هو القرآن في ثروته وغناه بعلومه وبأسراره قل لو كان البحر مدادا لكلمت ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمت ربي ولو جئنا بمثله مددا .
ترجمة القرآن بمعنى تفسيره بلغة أجنبية .
هذا هو الإطلاق الثالث المستند إلى اللغة أيضا ويراد به تفسير القرآن بلغة غير لغته أي بلغة عجمية لا عربية ولا ريب عندنا في أن تفسير القرآن بلسان أعجمي لمن لا يحسن العربية يجري في حكمة تفسيره بلسان عربي لمن يحسن العربية فكلاهما عرض لما يفهمه المفسر من كتاب الله بلغة يفهمها مخاطبه لا عرض لترجمة القرآن نفسه وكلاهما حكاية لما يستطاع من المعاني والمقاصد لا حكاية لجميع المقاصد وتفسير القرآن الكريم يكفي في تحققه أن يكون بيانا لمراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية ولو جاء على