التراجم تدل على اختيار ما تضمنته عنده فهذا مصير منه إلى أن الغسل للجمعة لا يشرع إلا لمن وجبت عليه .
856 - قوله في حديث أبي هريرة فسكت ثم قال حق على كل مسلم الخ فاعل سكت هو النبي صلى الله عليه وسلّم فقد أورده المصنف في ذكر بني إسرائيل من وجه آخر عن وهيب بهذا الإسناد دون قوله فسكت ثم قال ويؤكد كونه مرفوعا رواية مجاهد عن طاوس المقتصرة على الحديث الثاني ولهذه النكتة أورده بعده فقال رواه أبان بن صالح الخ وكذا أخرجه مسلم من وجه آخر عن وهيب مقتصرا وهذا التعليق عن مجاهد قد وصله البيهقي من طريق سعيد بن أبي هلال عن أبان المذكور وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن طاوس وصرح فيه بسماعه له من أبي هريرة أخرجه من طريق عمرو بن دينار عن طاوس وزاد فيه ويمس طيبا إن كان لأهله واستدل بقوله لله على كل مسلم حق للقائل بالوجوب وقد تقدم البحث فيه قوله في كل سبعة أيام يوما هكذا أبهم في هذه الطريق وقد عينه جابر في حديثه عند النسائي بلفظ الغسل واجب على كل مسلم في كل اسبوع يوما وهو يوم الجمعة وصححه بن خزيمة ولسعيد بن منصور وأبي بكر بن أبي شيبة من حديث البراء بن عازب مرفوعا نحوه ولفظه إن من الحق على المسلم أن يغتسل يوم الجمعة الحديث ونحوه للطحاوى من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن رجل من الصحابة أنصاري مرفوعا .
857 - قوله عن مجاهد عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد هكذا ذكره مختصرا وأورده مسلم من طريق مجاهد عن بن عمر مطولا وقد تقدم ذكره في باب خروج النساء إلى المساجد وهو قبيل كتاب الجمعة وتقدم هناك ما يتعلق به مطولا وقوله بالليل فيه إشارة إلى أنهم ما كانوا يمنعونهن بالنهار لأن الليل مظنة الربية ولاجل ذلك قال بن عبد الله بن عمر لا نأذن لهن يتخذنه دغلا كما تقدم ذكره من عند مسلم وقال الكرماني عادة البخاري إذا ترجم بشيء ذكر ما يتعلق به وما يناسب التعلق فلذلك أورد حديث بن عمر هذا في ترجمته هل على من لم يشهد الجمعة غسل قال فإن قيل مفهوم التقييد بالليل يمنع النهار والجمعة نهارية وأجاب بأنه من مفهوم الموافقة لأنه إذا أذن لهن بالليل مع أن الليل مظنة الريبة فالاذن بالنهار بطريق الأولى وقد عكس هذا بعض الحنفية فجرى على ظاهر الخبر فقال التقييد بالليل لكون الفساق فيه في شغل بفسقهم بخلاف النهار فإنهم ينتشرون فيه وهذا وإن كان ممكنا لكن مظنة الريبة في الليل أشد وليس لكلهم في الليل ما يجد ما يشتغل به وأما النهار فالغالب أنه يفضحهم غالبا ويصدهم عن التعرض لهن ظاهرا لكثرة انتشار الناس ورؤية من يتعرض فيه لما لا يحل له فينكر عليه والله أعلم .
858 - قوله في رواية نافع عن بن عمر قال كانت امرأة لعمر هي عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل أخت سعيد بن زيد أحد العشرة سماها الزهري فيما أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه قال كانت عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل عند عمر بن الخطاب وكانت تشهد الصلاة في المسجد وكان عمر يقول لها والله إنك لتعلمين أني ما أحب هذا قالت والله لا انتهى حتى تنهاني قال فلقد طعن عمر وإنها لفي المسجد كذا ذكره مرسلا ووصله عبد الإعلى عن معمر بذكر سالم بن عبد الله عن أبيه لكن أبهم المرأة أخرجه أحمد عنه وسماها أحمد من وجه آخر عن سالم قال كان عمر رجلا غيورا وكان إذا خرج إلى الصلاة اتبعته عاتكة بنت زيد الحديث وهو مرسل أيضا وعرف من هذا أن قوله في حديث الباب فقيل لها لم تخرجين الخ أن قائل ذلك كله هو عمر بن الخطاب ولا مانع أن يعبر عن نفسه بقوله أن عمر الخ فيكون من باب التجريد أو الالتفات وعلى هذا فالحديث من مسند عمر كما صرح به في رواية سالم