يظهر لي أنهما قصتان وقعتا لامرأتين فعند أبي داود من طريق عيسى بن معقل عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل قالت لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلّم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض فهلك أبو معقل فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلّم من حجته جئت فقال ما منعك أن تحجي معنا فذكرت ذلك له قال فهلا حججت عليه فإن الحج من سبيل الله فأما إذا فاتك فاعتمري في رمضان فإنها كحجة ووقعت لأم طليق قصة مثل هذه أخرجها أبو علي بن السكن وبن منده في الصحابة والدولابي في الكنى من طريق طلق بن حبيب إن أبا طليق حدثه أن امرأته قالت له وله جمل وناقة أعطني جملك أحج عليه قال جملي حبيس في سبيل الله قالت إنه في سبيل الله أن أحج عليه فذكر الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم صدقت أم طليق وفيه ما يعدل الحج قال عمرة في رمضان وزعم بن عبد البر أن أم معقل هي أم طليق لها كنيتان وفيه نظر لأن أبا معقل مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم وأبا طليق عاش حتى سمع منه طلق بن حبيب وهو من صغار التابعين فدل على تغاير المرأتين ويدل عليه تغاير السياقين أيضا ولا معدل عن تفسير المبهمة في حديث بن عباس بأنها أم سنان أو أم سليم لما في القصة التي في حديث بن عباس من التغاير للقصة التي في حديث غيره ولقوله في حديث بن عباس أنها أنصارية وأما أم معقل فإنها أسدية ووقعت لأم الهيثم أيضا والله أعلم قوله أن تحجي في رواية كريمة والأصيلي أن تحجين بزيادة النون وهي لغة قوله ناضح بضاد معجمة ثم مهملة أي بعير قال بن بطال الناضح البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه لكن المراد به هنا البعير لتصريحه في رواية بكر بن عبد الله المزني عن بن عباس في رواية أبي داود بكونه جملا وفي رواية حبيب المذكورة وكان لنا ناضحان وهي أبين وفي رواية مسلم من طريق حبيب كانا لأبي فلان زوجها قوله وابنه إن كانت هي أم سنان فيحتمل أن يكون اسم ابنها سنانا وإن كانت هي أم سليم فلم يكن لها يومئذ بن يمكن أن يحج سوى أنس وعلى هذا فنسبته إلى أبي طلحة بكونه ابنه مجازا قوله ننضح عليه بكسر الضاد قوله فإذا كان رمضان بالرفع وكان تامة وفي رواية الكشميهني فإذا كان في رمضان قوله فإن عمرة في رمضان حجة وفي رواية مسلم فإن عمرة فيه تعدل حجة ولعل هذا هو السبب في قول المصنف أو نحوا مما قال قال بن خزيمة في هذا الحديث أن الشيء يشبه الشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها لأن العمرة لا يقضي بها فرض الحج ولا النذر وقال بن بطال فيه دليل على أن الحج الذي ندبها إليه كان تطوعا لإجماع الأمة على أن العمرة لا تجزئ عن حجة الفريضة وتعقبه بن المنير بأن الحجة المذكورة هي حجة الوداع قال وكانت أول حجة أقيمت في الإسلام فرضا لأن حج أبي بكر كان إنذارا قال فعلى هذا يستحيل أن تكون تلك المرأة كانت قامت بوظيفة الحج قلت وما قاله غير مسلم إذ لا مانع أن تكون حجت مع أبي بكر وسقط عنها الفرض بذلك لكنه بني على أن الحج إنما فرض في السنة العاشرة حتى يسلم مما يرد على مذهبه من القول بأن الحج على الفور وعلى ما قاله بن خزيمة فلا يحتاج إلى شيء مما بحثه بن بطال فالحاصل أنه أعلمها أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الإعتمار لا يجزئ عن حج الفرض ونقل الترمذي عن إسحاق بن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وقال بن العربي حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها وقال بن الجوزي فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت