يجد في بيته شيئا يشتري به فركبنا معه فتلقاه غلمان الدير بأطباق تفاح فتناول واحدة فشمها ثم رد الأطباق فقلت له في ذلك فقال لا حاجة لي فيه فقلت ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر يقبلون الهدية فقال إنها لأولئك هدية وهي للعمال بعدهم رشوة ووصله أبو نعيم في الحلية من طريق عمرو بن مهاجر عن عمر بن عبد العزيز في قصة أخرى وقوله رشوة بضم الراء وكسرها ويجوز الفتح وهي ما يؤخذ بغير عوض ويعاب أخذه وقال بن العربي الرشوة كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على ما لا يحل والمرتشي قابضه والراشي معطيه والرائش الواسطة وقد ثبت حديث عبد الله بن عمرو في لعن الراشي والمرتشي أخرجه الترمذي وصححه وفي رواية والرائش والراشي ثم قال الذي يهدى لا يخلو أن يقصد ود المهدي إليه أو عونه أو ماله فأفضلها الأول والثالث جائز لأنه يتوقع بذلك الزيادة على وجه جميل وقد تستحب إن كان محتاجا والمهدي لا يتكلف وإلا فيكره وقد تكون سببا للمودة وعكسها وأما الثاني فإن كان لمعصية فلا يحل وهو الرشوة وإن كان لطاعة فيستحب وإن كان لجائز فجائز لكن إن لم يكن المهدي له حاكما والاعانة لدفع مظلمة أو إيصال حق فهو جائز ولكن يستحب له ترك الأخذ وإن كان حاكما فهو حرام اه ملخصا وفي معنى ما ذكره عمر حديث مرفوع أخرجه أحمد والطبراني من حديث أبي حميد مرفوعا هدايا العمال غلول وفي إسناده إسماعيل بن عياش وروايته عن غير أهل المدينة ضعيفة وهذا منها وقيل أنه رواه بالمعنى من قصة بن اللتبية المذكورة ثاني حديثي الباب وفي الباب عن أبي هريرة وبن عباس وجابر ثلاثتها في الطبراني الأوسط بأسانيد ضعيفة ثم ذكر المصنف في الباب حديثين أحدهما حديث الصعب بن جثامة في قصة الحمار الوحشي وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في الحج الثاني حديث أبي حميد في قصة بن اللتبية وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى وسبق في أواخر الزكاة تسميته وضبط اللتبية ووجه دخولهما في الترجمة ظاهر وأما حديث الصعب فإن النبي صلى الله عليه وسلّم بين العلة في عدم قبوله هديته لكونه كان محرما والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله واستنبط منه المهلب رد هدية من كان ماله حراما أو عرف بالظلم وأما حديث أبي حميد فلأنه صلى الله عليه وسلّم عاب على بن اللتبية قبوله الهدية التي أهديت إليه لكونه كان عاملا وأفاد بقوله فهلا جلس في بيت أمه أنه لو أهدي إليه في تلك الحالة لم تكره لأنها كانت لغير ريبة قال بن بطال فيه أن هدايا العمال تجعل في بيت المال وأن العامل لا يملكها الا أن طلبها له الإمام وفيه كراهة قبول هدية طالب العناية وقوله .
3457 - في حديث أبي حميد حتى نظرت عفرة بضم المهملة وفتحها وسكون الفاء وقد تفتح وهي بياض ليس بالناصع