يتوب فيسقط عنه وقد تقدم تقرير ذلك في كتاب الإيمان في حديث من كذب علي وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والإدعاء إلى غيره وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين اثباتا ونفيا لأن الإثم إنما يترتب على العالم بالشيء المتعمد له وفيه جواز إطلاق الكفر على المعاصي لقصد الزجر كما قررناه ويؤخذ من رواية مسلم تحريم الدعوى بشيء ليس هو للمدعي فيدخل فيه الدعاوي الباطلة كلها مالا وعلما وتعلما ونسبا وحالا وصلاحا ونعمة وولاء وغير ذلك ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتبة على ذلك واستدل به بن دقيق العيد للمالكية في تصحيحهم الدعوى على الغائب بغير مسخر لدخول المسخر في دعوى ما ليس له وهو يعلم أنه ليس له والقاضي الذي يقيمه أيضا يعلم أن دعواه باطلة قال وليس هذا القانون منصوصا في الشرع حتى يخص به عموم هذا الوعيد وإنما المقصود إيصال الحق لمستحقه فترك مراعاة هذا القدر وتحصيل المقصود من إيصال الحق لمستحقه أولى من الدخول تحت هذا الوعيد العظيم الحديث الثاني .
3318 - قوله حدثنا علي بن عياش بتحتانية ومعجمة قوله حدثنا حريز هو بفتح المهملة وكسر الراء وآخره زاي وهو بن عثمان الحمصي من صغار التابعين وهذا الإسناد من عوالي البخاري وشيخه عبد الواحد بن عبد الله النصري بالنون المفتوحة بعدها صاد مهملة وهو دمشقي واسم جده كعب بن عمير ويقال بسر بن كعب وهو من بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن وهو من صغار التابعين ففي الإسناد رواية القرين عن القرين وقد ولي إمرة الطائف لعمر بن عبد العزيز ثم ولي إمرة المدينة ليزيد بن عبد الملك وكان محمود السيرة ومات سنة بضع ومائة وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد وقد رواه عنه أيضا زيد بن أسلم وهو أكبر منه سنا ولقاء للمشايخ لكنه أدخل بين عبد الواحد وواثلة عبد الوهاب بن بخت رأيته في مستخرج بن عبدان على الصحيحين من رواية هشام بن سعد عن زيد وهشام فيه مقال وهذا عندي من المزيد في متصل الأسانيد أو هو مقلوب كأنه عن زيد بن أسلم عن عبد الوهاب بن بخت عن عبد الواحد والله أعلم قوله ان من أعظم الفرا بكسر الفاء مقصور وممدود وهو جمع فرية والفرية الكذب والبهت تقول فرى بفتح الراء فلان كذا إذا اختلق يفري بفتح أوله وافترى اختلق قوله أو يرى بضم التحتانية أوله وكسر الراء أي يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا ما رأتاه ولأحمد وبن حبان والحاكم من وجه آخر عن واثلة أن يفتري الرجل على عينيه فيقول رأيت ولم ير في المنام شيئا قوله أو يقول بفتح التحتانية أوله وضم القاف وسكون الواو وفي رواية المستملي بفتح المثناة والقاف وتثقيل الواو المفتوحة وفي الحديث تشديد الكذب في هذه الأمور الثلاثة وهي الخبر عن الشيء أنه رآه في المنام ولم يكن رآه والإدعاء إلى غير الأب والكذب على النبي صلى الله عليه وسلّم فأما هذا الأخير فتقدم البحث فيه في كتاب العلم وأما ما يتعلق بالمنام فيأتي في التعبير وأما الإدعاء فتقدم قريبا فيما قبله وتقدم بيان الحكمة في التشديد فيه والحكمة في التشديد في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلّم واضح فإنه إنما يخبر عن الله فمن كذب عليه كذب على الله D وقد اشتد النكير على من كذب على الله تعالى في قوله تعالى فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته فسوى بين من كذب عليه وبين الكافر وقال ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة والآيات في ذلك متعددة وقد تمسك بعض أهل الجهل بقوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم