فيحفكم يجهدكم هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا يقال أحفاني بالمسألة والحف على وألح على بمعنى واحد واشتقاق ألحف من اللحاف لأنه يشتمل على وجوه الطلب في المسألة كاشتمال اللحاف في التغطيه وقال أبو عبيدة في قوله لا يسألون الناس إلحافا قال إلحاحا انتهى وانتصب الحافا على أنه مصدر في موضع الحال أي لا يسألون في حال الالحاف أو مفعول لأجله أي لا يسألون لأجل الإلحاف وهل المراد نفي المسألة فلا يسألون أصلا أو نفى السؤال بالالحاف خاصة فلا ينتفى السؤال بغير الحاف فيه احتمال والثاني أكثر في الاستعمال ويحتمل أن يكون المراد لو سألوا لم يسألوا إلحافا فلا يستلزم الوقوع ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة ليس المسكين الذي ترده التمرة الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الزكاة وقوله اقرؤوا أن شئتم يعني قوله لا يسألون الناس إلحافا ووقع عند الإسماعيلي بيان قائل يعني فأنه أخرجه عن الحسن بن سفيان عن حميد بن زنجويه عن سعيد بن أبي مريم بسنده وقال في آخره قلت لسعيد بن أبي مريم ما تقرأ قال للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله الآية فيستفاد منه أن قائل يعني هو سعيد بن أبي مريم شيخ البخاري فيه وقد أخرج مسلم والإسماعيلي هذا الحديث من طريق إسماعيل بن جعفر عن شريك بن أبي نمر بلفظ اقرؤوا إن شئتم لا يسألون الناس إلحافا فدل على صحة ما فسرها به سعيد بن أبي مريم وكذا أخرجه الطبري من طريق صالح بن سويد عن أبي هريرة لكنه لم يرفعه وروى أحمد وأبو داود والنسائي وصححه بن خزيمة وبن حبان من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه مرفوعا من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف وفي رواية بن خزيمة فهو ملحف والأوقية أربعون درهما ولأحمد من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد رفعه من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا ولأحمد والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف .
( قوله باب وأحل الله البيع وحرم الربا إلى آخر الآية ) .
قوله المس الجنون هو تفسير الفراء قال في قوله تعالى لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي لا يقوم في الآخرة قال والمس الجنون والعرب تقول ممسوس أي مجنون انتهى وقال أبو عبيدة المس اللمم من الجن وروى بن أبي حاتم عن بن عباس قال آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا ومن طريق بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أنه كان يقرأ الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يوم القيامة وقوله تعالى وأحل الله البيع وحرم الربا يحتمل أن يكون من تمام اعتراض الكفار حيث قالوا إنما البيع مثل الربا أي فلم أحل هذا وحرم هذا ويحتمل أن يكون ردا عليهم ويكون اعتراضهم بحكم العقل والرد عليهم بحكم الشرع الذي لا معقب لحكمه وعلى الثاني أكثر المفسرين واستبعد بعض الحذاق الأول وليس ببعيد إلا من جهة أن جوابهم بقوله فمن جاءه موعظة إلى