على من زعم أنها ماتت سنة ست من الهجرة فإن التخيير كان في سنة تسع قوله قالت فقلت ففي أي هذا أستأمر أبوي في رواية محمد بن عمرو فقلت فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ولا أؤامر أبوي أبا بكر وأم رومان فضحك وفي رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه عند الطبري ففرح قوله ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم مثل ما فعلت في رواية عقيل ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة زاد بن وهب عن يونس في روايته فلم يكن ذلك طلاقا حين قاله لهن فاخترنه أخرجه الطبري وفي رواية محمد بن عمرو المذكورة ثم استقرى الحجر يعني حجر أزواجه فقال إن عائشة قالت كذا فقلن ونحن نقول مثل ما قالت وقوله استقري الحجر أي تتبع والحجر بضم المهملة وفتح الجيم جمع حجرة بضم ثم سكون والمراد مساكن أزواجه صلى الله عليه وسلّم وفي حديث جابر المذكور أن عائشة لما قالت بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة قالت يا رسول الله وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت فقال لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها إن الله لم يبعثني متعنتا وإنما بعثني معلما ميسرا وفي رواية معمر عند مسلم قال معمر فأخبرني أيوب أن عائشة قالت لا تخبر نساءك أني اخترتك فقال إن الله أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا وهذا منقطع بين أيوب وعائشة ويشهد لصحته حديث جابر والله اعلم وفي الحديث ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلّم لأزواجه وحلمه عنهن وصبره على ما كان يصدر منهن من إدلال وغيره مما يبعثه عليهن الغيرة وفيه فضل عائشة لبداءته بها كذا قرره النووي لكن روى بن مردويه من طريق الحسن عن عائشة أنها طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثوبا فأمر الله نبيه أن يخير نساءه أما عند الله تردن أم الدنيا فإن ثبت هذا وكانت هي السبب في التخيير فلعل البداءة بها لذلك لكن الحسن لم يسمع من عائشة فهو ضعيف وحديث جابر في أن النسوة كن يسألنه النفقة أصح طريقا منه وإذا تقرر أن السبب لم يتحد فيها وقدمت في التخيير دل على المراد لا سيما مع تقديمه لها أيضا في البداءة بها في الدخول عليها وفيه أن صغر السن مظنة لنقص الرأي قال العلماء إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلّم عائشة أن تستأمر أبويها خشية أن يحملها صغر السن على اختيار الشق الآخر لاحتمال أن لا يكون عندها من الملكة ما يدفع ذلك العارض فإذا استشارت أبويها أوضحا لها ما في ذلك من المفسدة وما في مقابله من المصلحة ولهذا لما فطنت عائشة لذلك قالت قد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه ووقع في رواية عمرة عن عائشة في هذه القصة وخشى رسول الله صلى الله عليه وسلّم حداثتي وهذا شاهد للتأويل المذكور وفيه منقبة عظيمة لعائشة وبيان كمال عقلها وصحة رأيها مع صغر سنها وأن الغيرة تحمل المرأة الكاملة الرأي والعقل على ارتكاب ما لا يليق بحالها لسؤالها النبي صلى الله عليه وسلّم أن لا يخبر أحدا من أزواجه بفعلها ولكنه صلى الله عليه وسلّم لما علم أن الحامل لها على ذلك ما طبع عليه النساء من الغيرة ومحبة الاستبداد دون ضرائرها لم يسعفها بما طلبت من ذلك تنبيه وقع في النهاية والوسيط التصريح بأن عائشة أرادت أن يختار نساؤه الفراق فإن كانا ذكراه فيما فهماه من السياق فذاك وإلا فلم أر في شيء من طرق الحديث التصريح بذلك وذكر بعض العلماء أن من خصائصه صلى الله عليه وسلّم تخيير أزواجه واستند إلى هذه القصة ولا دلالة فيها على الاختصاص نعم أدعى بعض من قال إن التخيير طلاق أنه في حق الأمة واختص هو صلى الله عليه وسلّم بأن ذلك في حقه ليس بطلاق وسيأتي مزيد بيان لذلك في كتاب الطلاق أن شاء تعالى واستدل به بعضهم على ضعف ما جاء أن من الأزواج حينئذ من اختارت الدنيا فتزوجها وهي فاطمة بنت الضحاك لعموم قوله ثم فعل الخ قوله تابعه موسى بن أعين عن معمر عن الزهري أخبرني أبو سلمة يعني عن عائشة