قول النبي صلى الله عليه وسلّم أكبر من قولها وقد أنكر صاحب الهدى على من زعم أن أحمد قال رأى ربه بعيني رأسه قال وإنما قال مرة رأى محمد ربه وقال مرة بفؤاده وحكى عنه بعض المتأخرين رآه بعيني رأسه وهذا من تصرف الحاكي فإن نصوصه موجودة ثم قال ينبغي أن يعلم الفرق بين قولهم كان الإسراء مناما وبين قولهم كان بروحه دون جسده فإن بينهما فرقا فإن الذي يراه النائم قد يكون حقيقة بأن تصعد الروح مثلا إلى السماء وقد يكون من ضرب المثل أن يرى النائم ذلك وروحه لم تصعد أصلا فيحتمل من قال أسرى بروحه ولم يصعد جسده أراد أن روحه عرج بها حقيقة فصعدت ثم رجعت وجسده باق في مكانه خرقا للعادة كما أنه في تلك الليلة شق صدره والتأم وهو حي يقظان لا يجد بذلك ألما انتهى وظاهر الأخبار الواردة في الإسراء تأبى الحمل على ذلك بل أسرى بجسده وروحه وعرج بهما حقيقة في اليقظة لا مناما ولا استغراقا والله أعلم وأنكر صاحب الهدى أيضا على من زعم أن الإسراء تعدد واستند إلى استبعاد أن يتكرر قوله ففرض عليه خمسين صلاة وطلب التخفيف إلى آخر القصة فإن دعوى التعدد تستلزم أن قوله تعالى أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي أن فرضية الخمسين وقعت بعد أن وقع التخفيف ثم وقع سؤال التخفيف والاجابة إليه وأعيد أمضيت فريضتي إلى آخره انتهى وما أظن أحدا ممن قال بالتعدد يلتزم إعادة مثل ذلك يقظة بل يجوز وقوع مثل ذلك مناما ثم وجوده يقظة كما في قصة المبعث وقد تقدم تقريرها ويجوز تكرير إنشاء الرؤية ولا تبعد العادة تكرير وقوعه كاستفتاح السماء وقول كل نبي ما نسب إليه بل الذي يظن أنه تكرر مثل حديث أنس رفعه بينا أنا قاعد إذ جاء جبريل فوكز بين كتفي فقمت إلى شجرة فيها مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الأخرى فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمسست فالتفت إلى جبريل كأنه جلس لأجلي وفتح بابا من أبواب السماء فرأيت النور الأعظم وإذا دونه الحجاب وفوقه الدر والياقوت فأوحى إلى عبده ما أوحى أخرجه البزار وقال تفرد به الحارث بن عمير وكان بصريا مشهورا قلت وهو من رجال البخاري قوله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب هو دليل ثان استدلت به عائشة على ما ذهبت إليه من نفي الرؤية وتقريره أنه سبحانه وتعالى حصر تكليمه لغيره في ثلاثة أوجه وهي الوحي بان يلقى في روعه ما يشاء أو يكلمه بواسطة من وراء حجاب أو يرسل إليه رسولا فيبلغه عنه فيستلزم ذلك انتفاء الرؤية عنه حالة التكلم والجواب أن ذلك لا يستلزم نفي الرؤية مطلقا قاله القرطبي قال وعامة ما يقتضي نفي تكليم الله على غير هذه الأحوال الثلاثة فيجوز أن التكليم لم يقع حالة الرؤية قوله ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت وما تدري نفس ماذا تكسب غدا الخ تقدم شرح ذلك واضحا في تفسير سورة لقمان قوله ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ثم قرأت يا أيها الرسول بلغ الآية يأتي شرحه في كتاب التوحيد قوله ولكن رأى جبريل في صورته مرتين في رواية الكشميهني ولكنه وهذا جواب عن أصل السؤال الذي سأل عنه مسروق كما تقدم بيانه وهو قوله ما كذب الفؤاد ما رأى وقوله ولقد رآه نزلة أخرى ولمسلم من وجه آخر عن مسروق أنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته فسد أفق السماء وله في رواية داود بن أبي هند رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض وللنسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود أبصر جبريل ولم يبصر ربه