( قوله باب ما جاء في القبلة ) .
أي غير ما تقدم ومن لم ير الاعاده على من سها فصلى إلى غير القبلة واصل هذه المسألة في المجتهد في القبلة إذا تبين خطؤه فروى بن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب وعطاء والشعبي وغيرهم إنهم قالوا لا تجب الاعاده وهو قول الكوفيين وعن الزهري ومالك وغيرهما تجب في الوقت لا بعده وعن الشافعي يعيد إذا تيقن الخطأ مطلقا وفي الترمذي من حديث عامر بن ربيعة ما يوافق قول الأولين لكن قال ليس إسناده بذاك قوله وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلّم الخ هو طرف من حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين وهو موصول في الصحيحين من طرق لكن قوله وأقبل على الناس ليس هو في الصحيحين بهذا اللفظ موصولا لكنه في الموطأ من طريق أبي سفيان مولى بن أبي أحمد عن أبي هريرة ووهم بن التين تبعا لابن بطال حيث جزم بأنه طرف من حديث بن مسعود الماضي لأن حديث بن مسعود ليس في شيء من طرقه أنه سلم من ركعتين ومناسبة هذا التعليق للترجمة من جهة أن بناءه على الصلاة دال على أنه في حال استدباره القبلة كان في حكم المصلي ويؤخذ منه أن من ترك الاستقبال ساهيا لا تبطل صلاته .
393 - قوله عن أنس قال قال عمر هو من رواية صحابي عن صحابي لكنه صغير عن كبير قوله وافقت ربي في ثلاث أي وقائع والمعنى وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت لكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه أو أشار به إلى حدوث رأيه وقدم الحكم وليس في تخصيصه العدد بالثلاث ما ينفي الزيادة عليها لأنه حصلت له الموافقة في أشياء غير هذه من مشهورها قصة اسارى بدر وقصة الصلاة على المنافقين وهما في الصحيح وصحح الترمذي من حديث بن عمر أنه قال ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر الا نزل القرآن فيه على نحو ما قال عمر وهذا دال على كثرة موافقته وأكثر ما وقفنا منها بالتعيين على خمسة عشر لكن ذلك بحسب المنقول وقد تقدم الكلام على مقام إبراهيم وسيأتي الكلام على مسألة الحجاب في تفسير سورة الأحزاب وعلى مسألة التخيير في تفسير سورة التحريم وقوله في هذه الرواية واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلّم في الغيرة عليه فقلت لهن عسى ربه الخ وذكر فيه من وجه آخر عن حميد في تفسير سورة البقرة زيادة يأتي التنبيه عليها في باب عشرة النساء في أواخر النكاح وقال بعضهم كان اللائق إيراد هذا الحديث في الباب الماضي وهو قوله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى والجواب أنه عدل عنه إلى حديث بن عمر للتنصيص فيه على وقوع ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلّم بخلاف حديث عمر هذا فليس فيه التصريح بذلك وأما مناسبته للترجمة فأجاب الكرماني بان المراد من الترجمة ما جاء في القبلة وما يتعلق بها فأما على قول من فسر مقام إبراهيم بالكعبة فظاهر أو بالحرم كله فمن في قوله من مقام إبراهيم للتبعيض ومصلى أي قبلة أو بالحجر الذي وقف عليه إبراهيم وهو الأظهر فيكون تعلقه بالمتعلق بالقبلة لا بنفس القبلة وقال بن رشيد الذي يظهر لي أن تعلق الحديث بالترجمة الإشارة إلى موضع الاجتهاد في القبلة لأن عمر اجتهد في أن أختار أن يكون المصلى إلى مقام إبراهيم الذي هو في وجه الكعبة فاختار إحدى جهات القبلة بالاجتهاد وحصلت موافقته على ذلك فدل على تصويب اجتهاد المجتهد إذا بذل وسعه ولا يخفى ما فيه .
394 - قوله وقال بن أبي مريم في رواية كريمة حدثنا بن أبي مريم وفائدة إيراد هذا الإسناد ما فيه من التصريح بسماع حميد من أنس فأمن من تدليسه وقوله بهذا أي إسنادا ومتنا فهو من رواية أنس عن عمر لا من رواية أنس عن النبي صلى الله عليه وسلّم وفائدة التعليق المذكور تصريح حميد بسماعه له من أنس وقد تعقبه بعضهم بان يحيى بن أيوب لم يحتج به البخاري وأن خرج له في المتابعات وأقول وهذا من جملة المتابعات ولم ينفرد يحيى بن أيوب بالتصريح المذكور فقد أخرجه الإسماعيلي من رواية يوسف القاضي عن أبي الربيع الزهراني عن هشيم أخبرنا حميد حدثنا أنس والله أعلم