كان النبي ص - إذا نهض في الثانية استفتح بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت قيل له ليس لمالك فيه دليل من قبل أنه إن ثبت أنه لم يقرأها في الثانية فإنما ذلك حجة لمن يقتصر عليها في أول ركعة فأما أن يكون دليلا على تركها رأسا فلا وقد روى قراءتها في أول الصلاة عن علي وعمر وابن عباس وابن عمر من غير معارض لهم من الصحابة فثبت بذلك قراءتها في الفرض والنفل لما ثبت عن النبي ص - وعن الصحابة من غير معارض لهم وعلى أنه لا فرق بين الفرض والنفل لا في الإثبات ولا في النفي كما لا يختلفان في سائر سنن الصلاة وأما وجه ما روي عن أبي حنيفة في اقتصاره على قراءتها في أول ركعة دون سائر الركعات وسورها فهو لما ثبت إنها ليست من أوائل السور وإن كانت آية في موضعها على وجه الفصل بين السورتين أمرنا بالابتداء بها تبركا ثم ثبت إنها مقروءة في أول الصلاة بما قدمناه وكانت حرمة الصلاة حرمة واحدة وجميع أفعالها مبنية على التحريمة صار جميع الصلاة كالفعل الواحد الذي يكتفى بذكر اسم الله تعالى في ابتدائه ولا يحتاج إلى إعادته وإن طال كالابتداء بها في أوائل الكتب وكما لم تعد عند ابتداء الركوع والسجود والتشهد وسائر أركان الصلاة كذلك حكمها مع ابتداء السورة والركعات ويدل على أنها موضوعة للفصل ما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو دواد قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان النبي ص - لا يعرف فصل السورة حتى ينزل بسم الله الرحمن الرحيم وهذا يدل على أن موضوعها للفصل بين السورتين وأنها ليست من السور ولا يحتاج إلى تكرارها عند كل سورة فإن قال قائل إذا كانت موضوعة للفصل بين السورتين فينبغي أن يفصل بينهما بقراءتها على حسب موضوعها قيل له لا يجب ذلك لأن الفصل قد عرف بنزولها وإنما يحتاج في الابتداء بها تبركا وقد وجد ذلك في ابتداء الصلاة ولا صلاة هناك مبتدأة فيقرأ من أجلها فلذلك جاز الاقتصار بها على أولها وأما من قرأها في كل ركعة فوجه قوله إن كل ركعة لها قراءة مبتدأة لا ينوب عنها القراءة في التي قبلها فمن حيث احتيج إلى استئناف القراءة فيها صارت كالركعة الأولى فلما كان المسنون فيها قراءتها في الركعة الأولى كان كذلك حكم الثانية إذ كان فيها ابتداء قراءة ولا يحتاج إلى إعادتها عند كل سورة لأنها فرض واحد وكان حكم السورة في الركعة الواحدة حكم