أو حاملا وقد استبان حملها فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء فكان طلاق السنة معقودا بوصفين أحدهما العدد والآخر الوقت فأما العدد فأن لا يزيد في طهر واحد على واحدة وأما الوقت فأن يطلقها طاهرا من غير جماع أو حاملا قد استبان حملها وقد اختلف أهل العلم في طلاق السنة لذوات الإقراء فقال أصحابنا أحسن الطلاق أن يطلقها إذا طهرت قبل الجماع ثم يتركها حتى تنقضي عدتها وإن أراد أن يطلقها ثلاثا طلقها عند كل طهر واحدة قبل الجماع وهو قول الثوري وقال أبو حنيفة وبلغنا عن إبراهيم عن أصحاب رسول الله ص - أنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة وأن هذا عندهم أفضل من أن يطلقها ثلاثا عند كل طهر واحدة وقال مالك وعبدالعزيز بن أبي سلمة الماجشون والليث بن سعد والحسن بن صالح والأوزاعي طلاق السنة أن يطلقها في طهر قبل الجماع تطليقة واحدة ويكرهون أن يطلقها ثلاثا في ثلاثة أطهار لكنه إن لم يرد رجعتها تركها حتى تنقضي عدتها من الواحدة وقال الشافعي فيما رواه عنه المزني لا يحرم عليه أن يطلقها ثلاثا ولو قال لها أنت طالق ثلاثا للسنة وهي طاهر من غير جماع طلقت ثلاثا معا قال أبو بكر فنبدأ بالكلام على الشافعي في ذلك فنقول إن دلالة الآية التي تلوتها ظاهرة في بطلان هذه المقالة لأنها تضمنت الأمر بإيقاع الإثنتين في مرتين فمن أوقع الإثنتين في مرة فهو مخالف لحكمها ومما يدل على ذلك قوله تعالى لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم وظاهره يقتضي تحريم الثلاث لما فيها من تحريم ما أحل لنا من الطيبات والدليل على أن الزوجات قد تناولهن هذا العموم قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء فوجب بحق العموم حظر الطلاق الموجب لتحريمها ولولا قيام الدلالة في إباحة إيقاع الثلاث في وقت السنة وإيقاع الواحدة لغير المدخول بها لاقتضت الآية حظره ومن جهة أخرى من دلائل الكتاب أن الله تعالى لم يبح الطلاق ابتداء لمن تجب عليها العدة لا مقرونا بذكر الرجعة منها قوله تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف وقوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وقوله تعالى وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف فلم يبح الطلاق المبتدأ لذوات العدد إلا مقرونا بذكر الرجعة وحكم الطلاق مأخوذ من هذه الآيات لولاها لم يكن الطلاق من أحكام الشرع فلم يجز لنا إثباته مسنونا إلا على هذه