جميعا في كتمانهم صفته في كتبهم فإن قيل قد سمى الله الكفار شهداء وليسوا حجة على غيرهم فلا يصح لكم الإحتجاج بقوله لتكونوا شهداء على الناس في صحة إجماع الأمة وثبوت حجته قيل له أنه جل وعلا لم يقل في أهل الكتاب وأنتم شهداء على غيركم وقال هناك لتكونوا شهداء على الناس كما قال ويكون الرسول عليكم شهيدا فأوجب ذلك تصديقهم وصحة إجماعهم وقال في هذه الآية وأنتم شهداء ومعناه غير معنى قوله شهداء على الناس وقد قيل في معناه وجهان أحدهما وأنتم شهداء إنكم عالمون ببطلان قولكم في صدكم عن دين الله تعالى وذلك في أهل الكتاب منهم والثاني أن يريد بقوله شهداء عقلاء كما قال الله تعالى أو ألقى السمع وهو شهيد يعني وهو عاقل لأنه يشهد الدليل الذي يميز به الحق من الباطل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته روي عن عبدالله والحسن وقتادة في قوله حق تقاته هو أن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى وقيل أن معناه اتقاء جميع معاصيه وقد اختلف في نسخه فروي عن ابن عباس وطاوس أنها محكمة غير منسوخة وعن قتادة والربيع بن أنس والسدي أنها منسوخة بقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم فقال بعض أهل العلم لا يجوز أن تكون منسوخة لأن معناه اتقاء جميع معاصيه وعلى جميع المكلفين اتقاء جميع المعاصي ولو كان منسوخا لكان فيه إباحة بعض المعاصي وذلك لا يجوز وقيل إنه جائز أن يكون منسوخا بأن يكون معنى قوله حق تقاته القيام بحقوق الله تعالى في حال الخوف والأمن وترك التقية فيها ثم نسخ ذلك في حال التقية والإكراه ويكون قوله تعالى ما استطعتم فيما لا تخافون فيه على أنفسكم يريد فيما لا يكون فيه احتمال الضرب والقتل لأنه قد يطلق نفي الإستطاعة فيما يشق على الإنسان فعله كما قال تعالى وكانوا لا يستطعون سمعا ومراده مشقة ذلك عليهم قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا روي عن النبي ص - في معنى الحبل ههنا أنه القرآن وكذلك روي عن عبدالله وقتادة والسدي وقيل أن المراد به دين الله وقيل بعهد الله لأنه سبب النجاة كالحبل الذي يتمسك به للنجاة من غرق أو نحوه ويسمى الأمان الحبل لأنه سبب النجاة وذلك في قوله تعالى إلا بحبل من الله وحبل من الناس يعني به الأمان إلا أن قوله واعتصموا بحبل الله جميعا هو أمرا بالاجتماع ونهي عن الفرقة وأكده بقوله ولا تفرقوا معناه