فصل في مسائل الآبار .
هي كأصحاب فهو بهمزة بعد باء ساكنة ومن العرب من يقدمها على الباء فتجتمع همزتان فتقلب الثانية ألفا ووزنه أفعال وعلى الأول أفعال من بأر يبأر بأرا من باب قطع إذا حفر البؤرة بالضم الحفرة ومناسبة هذا الفصل لماقبله ظاهرة لأنه من جملة المياه قوله : والواقع فيها الخ يصح قرائته بالجر عطفا على مسائل وقوله : ورث بدل منه وبالرفع مبتدأ ورث الخ خبره وعلى الأول فالعطف تفسير لأن مسائل الآبار هي أحكام مائها إذا وقع فيها شيء مما ذكر قوله : ونحوه من كل نجس ولو مخففا لأن الغليظ والخفيف في المياه سواء قوله : لأنه من إسناد الفعل إلى البئر قصدا للمبالغة في إخراج جميع الماء وقوله : وإرادة الماء الحال بالبئر أشارة به إلى أنه من إطلاق اسم المحل وإرادة الحال فيه قوله : لأنه غير نجس العين على الصحيح هو قول الإمام Bه وعندهما نجس العين كالخنزير والفتوى على قول الإمام وإن رجح قولهما كما في الدر عن ابن الشحنة قوله : أو موت شاة هي اسم جنس يطلق على الضأن والمعز كما في المصباح والمراد أن تكون كبيرة في الجملة حتى لو كان ولد الشاة صغيرا جدا كان حكمه حكم الهرة قوله : أو موت آدمي فيها مبني على غالب حال الميت من عدم خلوه عن نجاسة وإلا فقد مر أن غسالة الميت النظيف مستعملة فقط على الأصح فإذا كان نظيفا لا ينزح به شيء ولو قبل الغسل روي ذلك عن أبي القاسم الصفار كما في القهستاني عن المحيط فاستثناها صاحب الدر الشهيد النظيف فقط فيه قصور وما ذكره من التفصيل في المسلم إذا وقع قبل الغسل ينجس وبعده لا مبني على الغالب أيضا ذكره بعض الأفاضل قلت أو ذلك مبني القول بأن نجاسة الميت نجاسة خبث وصحح أيضا وقد فرع أهل المذهب فروعا على كل منهما قوله : وتنزع بانتفاخ حيوان : أي دموع غير مائي وكذا لو تفسخ أو تمعط شعره أو ريشه قوله : ولو صغيرا كحلمه وقال بعضهم : ينزع عشرة دلاء وليس بقوي قوله : وهو المستعمل كثيرا في تلك البئر هو ظاهر الرواية ويكفي ملء أكثر الدلو ونزح ما وجد وإن قل قوله : ولو نزح الواجب الخ وكذا لو نزح القدر الواجب مرة واحدة قوله : وقالا يشترط الخ أعاده لذكر دليله وثمرة الخلاف تظهر فيمن استقى منها قبل انفصاله عن فمها يكون نجسا عندهما طاهرا عنده قوله : وقدر محمد C الواجب بمائتي دلو هو الأيسر وجزم به في الكنز و الملتقى وفي الخلاصة وعليه الفتوى وهو المختار كما في الإختيار ورجحه في النهر وتبعه الحموي ويستحب زيادة مائة لزيادة النزاهة قوله : لو لم يمكن نزحها لغلبة نبع الماء حتى لو أمكن سد منابع الماء من غير عسر لزم ثم بنزح كما فعل في زمزم كذا في غاية البيان قوله : وأفتى به لما شاهد آبار بغداد كثيرة المياه يعني وكانت مع كثرتها لا تزيد على هذا القدر قال الحلبي : فعلى هذا لا ينبغي أن يفتي بالمائتين مطلقا بل ينظر إلى غالب آبار البلد لكن في النهر أن التقدير بالمائتين مخرج على الغالب فليكن هو المعتبر لانضباطه تطمينا وقطعا للوسوسة كما اعتبروا في ذلك العشرة في العشر قوله : والأشبه : أي بقواعد الفقه لكونها نصاب الشهادة المزمة ذكره السيد مزيدا قوله : إلى خمسين هو المذكور في الجامع الصغير قال في الهداية : وهو الأظهر اهـ لأن الجامع الصفير آخر التصنيفين فالمذكور فيه هو المرجوع إليه قوله : أو ستين هي رواية الأصل قال في شرح المجمع : وهو الأحوط قوله : بعد إخراجه راجع إلى الواقع من حيث هو لأن النزح قبله لا يفيد لأنه سبب النجاسة إلا إذا تعذر إخراجه كخشبة أو خرقه نجسة تعذر إخراجها أو تغيبت فينزح القدر الواجب وتطهر الخشبة والخرقة تبعا لطهارة البئر كما في السراج قوله : لاحتمال زيادة إلخ روى الأكمل الحديث المذكور بلفظ في الفأرة إذا وقعت في البئر ينزح عشرون دلوا أو ثلاثون رواه السمرقندي بالشك في الأكثر فكان مستحبا لئلا يترك اللفظ المروي اهـ .
فروع : في الخانية جلد الآدمي أو لحمه إذا وقع في الماء إن كان مقدار الظرف يفسده وإن كان دونه ولا يفسده ولو سقط الظفر نفسه في الماء لا يفسد وفيها بول الهرة والفأرة وخرؤهما نجس في أظهر الروايات يفسد الماء والثوب وبول الخفاش وخرؤه لا يفسد لتعذر الاحتراز عنه انتهى وفي الشرنبلالية عن الفيض الأصح أن البئر لا تنجس ببول الفأرة قوله : في ظاهر الرواية الأولى أن يقول في الصحيح فإن ظاهر الرواية كما ذكره السرخسي أن الروث والمتفتت من البعر مفسد مطلقا قوله : ونحوها الأولى التذكير إلا أن يعود على المذور كله قوله غير الدجاج والأوز مثلهما البط قوله : لأن النبي A الخ ولأن الصدر الأول ومن بعدهم أجمعوا على اقتناء الحمامات في المساجد حتى في المسجد الحرام مع الأمر بتطهيرها فدل ظاهرا على عدم نجاسته قوله ومسح ابن مسعود وكذلك ابن عمر إلا أنه مسحه بحصاة قوله واختلف التصحيح الخ قال في الخانية : وزرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لا يفسد الماء في ظاهر الرواية عند محمد لتعذر الاحتراز عنه ثم قال بعد ذلك : وزرق سباع الطيور يفسد الثوب إذا فحش ويفسد ماء الأواني ولا يفسد ماء البئر اهـ .
تنبيه : قال في النهاية : الاستحالة إلى فساد لا توجب نجاسة فإن سائر الأطعمة تفسد بطول المكث ولا تنجس اهـ لكن يحرم الأكل في هذه الحالة للإيذاء لا للنجاسة كاللحم إذا أنتن يحرم أكله ولا يصير نجسا بخلاف السمن وللبن والدهن والزيت إذا أنتن لا يحرم وكذا الأشربة لا تحرم بالتغير كذا في البحر ويتفرع على حرمة أكل اللحم إذا أنتن للإيذاء للنجائة حرمة أكل الفسيخ المعروف في الديار المصرية لما ذكر ولم أره صريحا وفي تذكرة الحكيم داود عند ذكره السمك قال : والمقدد الشهر بالفسيخ رديء يولد السدد والقولنج والحصا والبلغم الجصى وربما أوقع في الحميات الربيعية والسل ويهزل اهـ قوله : على الأصح الخلاف في غير السمك أما هو فلا يفسد المائع إجماعا .
قوله : لا دم له : أي سائل فالمعتبر عدم السيلان لا عدم أصل الدم حتى لو مات في الماء حيوان له دم جامد غير سائل لا ينجسه قهستاني قوله : فيه قيد اتفاقي حتي لو مات خارجه وألقى فيه يكون الحكم كذلك قوله : والبري يفسده هو ما لا سترة له بين أصابعه قوله : وحيوان الماء الحد الفاصل بين المائي والبري أن المائي ما لا يعيش في غير الماء والبري ما لا يعيش في غير البر واختلف فيها يعيش فيهما فقال قاضيخان في شرح الجامع الصغير : إنه يفسد وفي المجتبى طير الماء كالبط والأوز إذا مات فيه لا ينجسه والأوجه الأول قوله : لا يفسده لكن يحرم شربه لأن النفوس تعافه قوله : وقد يسمى به الفسفس هو البق بلغة مصر قوله : في بعض الجهات : أي الأقاليم وهو الشام قوله : لأنه كلما ذاب آب ربما يتوهم أن الإسم مركب من الفعلين والذي ذكره بعض المحققين أنه مشتق من الذب وهو الطرد لأنه يطرد قوله : وزنبور بضم الزاي والباء أنواع شتى يجمعها حكم واحد قوله : وعقرب يقال للذكر والأنثى عقربان وانثاه عقربة عينها في وسط ظهرها ولا تضر ميتا ولا نائما حتى يتحرك ورى أبو هريرة عن النبي A قال : [ من قال حين يصبح أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره عقرب حتى يمسي ومن قالها حين يمسي لم تضره حتى يصبح ] قوله : إذا وقع الذباب الخ وجه الدلالة منه أنه لو كان موته ينجس ما وقع فيه لم يأمر A بغمسه لأنه يفضي إلى موته فيه لا محالة لا سيما إذا كان الشراب حارا فيموت من ساعته وفي تنجسه إتلاف والشارع لا يأمر به بل صح النهي عنه قوله : وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء قال بعض الفضلاء : تأملت ذلك الجناح فوجدته الأيسر .
فرع : لا ينجس المائع وقوع بيضة طرية من بطي دجاجة ولا وقوع سخلة من بطن أمها ولو كانت رطبة ما لم يعلم أن عليهما قدرا لأن رطوبة المخرج ليست بنجسة وقيل تنجسه الرطبة لخروجها من مخرج نجس والأول قياس قوله الإمام والثاني قياس قولهما ومشى على الأول قاضيخان وعلى الثاني صاحب الخلاص قوله : بوقوع آدمي ولو جنبا أو حائضا أو نفساء انقطع دمها أو كافرا قوله : ولا ينظر الخ لا حتمال طهارتها بورودها ماء كثيرا قبل ذلك فهذا مع الأصل وهو الطهارة تظافرا على عدم النزح كذا في الفتح قوله : ولا يفسد الماء بوقوع بغل وحمار ولا يصير مشكومكا لأن بدن هذه الحيوانات طاهر لأنها مخلوقة لنا استعمالا وإنما تصير نجسة بالموت كذا في الدرر وهذا كله عند عدم وصول لعاب ما ذكر إلى الماء وأما إذا وصل إليه فقد حكمه بعد قوله : وأن وصل لعاب الواقع الخ وعرق كل شيء كلعابه فيأخذ الماء حكمه أيضا على المذهب كذا في الدرر المنتقى قوله : والمشكوك صرح به المحققون من أهل المذهب وعلله الحلبي باشتراك المشكوك والنجس في عدم الطهورية وإن افترقا من حيث الطهارة فإذا لم تنزح ربما تطهر به والصلاة به وحده لا تجزي فينزح كله قوله : ويستحب في المكروه عدد أي من غير تقدير في الأصل أي نزح عدد وكذا يقال فيما بعد قوله : وقيل عشرين عن محمد كل موضع فيه نزح لا ينزح أقل من العشرين لأنه أقل ما جاء به الشرع من المقادير اه وهذا النزح لتسكين القلب لا لتطهير حتى لو توطأ منها من غير نزح جاز قوله : ووجود حيوان الخ قيد بالحيوان لأن غيره من النجاسات لا يتأتى فيه التفصيل ولا الخلاف بل ينجسها من وقت الوجدان فقط والمراد الحيوان الدموي غير المائي كما مر قوله : ومنتفخ وبالأولى إذا كان متعمطا أو متفسخا قوله : إن لم يعلم وقت وقوعه عبارة غيره موته بدل وقوعه وهي الأولى وقيد بعدم العلم لأنه إن علم أو ظن فلا أشكال ويعتبر الحكم من وقته بلا خلاف قوله : لأن الانتفاخ دليل تقادم العهد وأدنى حد التقادم في الانتفاخ ونحوه ثلاثة أيام لحصول ذلك في مثلها غالبا ألا ترى أن من دفن بغير صلاة يصلى على قبره إلا ثلاثة لا بعدها وعدم الانتفاخ دليل على قرب عهده فقدر بيوم وليلة لأن ما دون ذلك ساعات لا تنضبط ومثله نجاسة الثياب ووقع الشك في المزيل واليقين لا يزول بالشك قوله : فلا إعادة إجماعا لوجود المقتضى للصحة وهو الطهارة من الحدث والخبث ووقع الشك في المانع وهو إصابة ذلك الماء والصلاة لا تبطل بالشك قوله : ولا يعيد صلاته اتفاقا لا يتجه على قول الإمام لأن قياسه أن يوجب مع الغسل الإعادة ولا على قولهما لأنهمالا يوجبان غسل الثياب أصلا قوله : وقال أبو يوسف و محمد : يتحكم بنجاستها من وقت العلم لجواز أنه سقط فيها فمات في الحال أو ألقته الريح أو بعض السفهاء أو الصبيان أو الطيور حكي عن أبي يوسف أنه قال : كان قولي كقول الإمام إلى أن كنت جالسا في بستان فرأيت حدأة في منقارها جيفة فطرحتها في البئر فرجعت إلى قول محمد قوله : فإن عجن الآن بمائها أي بعد العلم بالنجاسة قوله : يباع لشافعي لأن المائ إذا بلغ قلتين لا ينجس عنده بدون ظهور أثر قوله : لأنه يصيبه من الخارج بخلاف المني حتى أن الثوب إن كان مما يلبسه هو وغيره يستوي فيه حكم الدم والمني قال البرهان الحلبي : الحكم بالاقتصار فيمالورأى على ثوبه نجاسة إنما يتأتى في الرطبة أما اليابسة فينبغي أن يتحرى وقت إصابتها عنده وكذا عندهما إذ لا يتأتى أن يقال إنها إصابة تلك الساعة بعد يبسها إلا أن يكون الزمان محتملا ليبسها بعد الأصابة وهو تفصيل حسن