باب أحكام العيدين .
المناسبة بين البابين ظاهرة وهي اشتراكهما في الآداب والشرائط إلا الخطبة والجمعة تسمى عيدا أيضا قال النبي A : [ لكل مؤمن في كل شهر أربعة أعياد أو خمسة أعياد ] وقدمت الجمعة لفرضيتها وكثرة وجودها وأصل عيد عود لأنه من العود بمعنى الرجوع قلبت الواو ياء لسكونها بعد كسرة كميزان وميقات وقيل من عيد بفتحتين إذا جمع ويجمع على أعياد والقياس على الأول أعواد لأنه من العود إلا أنه جمع بهذا اللفظ للزوم الياء في المفرد فلم ينظر إلى الأصل وقيل للفرق بينه وبين أعواد جمع عودا للهو وأما عود الخشب فجمعه عيدان قال في البحر وصلاة العيد شرعت في السنة الأولى من الهجرة كما رواه أبو داود [ عن أنس قال : قدم رسول الله A المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال : ما هذان اليومان قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية فقال رسول الله A : إن الله قد أبدلكما بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر ] اهـ قوله : لأن لله تعالى فيه عوائد الإحسان دينية ودنيوية أو لأنه يعود ويتكرر بالفرح والسرور وتفاؤلا بالعود على من أدركه كما سميت القافلة تفاؤلا بقفولها أي رجوعها أو لاجتماع الناس فيه ويطلق على كل يوم مسرة ولذا قيل : .
( عيد وعيد وعيد صرن مجتمعه ... وجه الحبيب ويوم العيد الجمعة ) .
ومذهب الإمام أحمد أن وقت الجمعة يدخل بدخول وقت صلاة العيد قال في متن المنتهي : وشرحه للشيخ منصور الحنبلي وإذا وقع عيد في يوم الجمعة سقطت عمن حضر العيد ذلك اليوم سقوط حضور لا سقوط وجوب لأنه النبي A صلى العيد وقال : من شاء أن يجمع فليجمع أفاده السيد قوله : وهي الأصح رواية عن الإمام وعليه الجمهور كافي وهو المختار خلاصة ونص عليه محمد في الأصل قوله : ودراية لأنه ثبت بالنقل المستفيض عنه النبي A أنه كان يصلي صلاة العيدين من حين شرعيتها إلى أن توفاه الله تعالى من غير ترك وكذا الخلفاء الراشدون والأئمة المجتهدون وهذا دليل الوجوب وبإشارة الكتاب العزيز وهو قوله تعالى : { ولتكبروا الله على ما هداكم } وقوله تعالى : { فصل لربك } [ الكوثر : 108 ] وانحر فان الأولى إشارة إلى صلاة عيد الفطر والثانية إلى صلاة الأضحى قوله : وتسميتها في الجامع الصغير سنة الخ عبارته عيدان اجتمعا في يوم واحد فالأول سنة والثاني فريضة ولا يترك واحد منهما اه قال في العناية : هذا لا ينافي الوجوب ألا ترى إلى قوله ولا يترك واحد منهما فإنه ينفي الترك والإخبار في عبارة المشايخ والأئمة يفيد الوجوب كذا في الحلبي على أن الوجوب قريب من السنة لأن السنة المؤكدة في قوة الواجب ولهذا كان الأصح أنه يأثم بتركها كالواجب بحر وقال أبو موسى الضرير في مختصره : إنها فرض كفاية كما في شرح الزاهدي ومسكين وهو رواية عن الإمام وبه قال احمد كما في البرهان قوله : وشرائط الصحة ظاهر أنه لا بد الجماعة المذكور في الجمعة على خلاف فيها وليس كذلك فإن الواحد هنا مع الإمام جماعة فكيف يصح أن يقال بشرائطها ؟ قوله : لم تكن شرطا لها لأن شرط الشيء يسبقه أو يقارنه قوله : لو قدمت الخطبة على الصلاة اعلم ان الخطبة سنة وتأخيرها إلى ما بعد الصلاة سنة أيضا نهر عن الظهيرية وكونه مسيئا بالتقديم لا يدل على نفي سنية أصلها مطلقا لأن الإساءة لترك سنة التأخير وهي غير أصل السنة وفي الدرة المنفية : لو خطب قبل الصلاة جاز وترك الفضيلة ولا تعاد ومثله في مسكين اه قوله : ثلاثة عشر شيئا قد ذكر نحو الخمسة عشر قوله : أن يأكل بعد الفجر الحكمة فيه المبادرة إلى امتثال الأمر به وليعلم نسخ تحريم الفطر قبل صلاة العيد فإنه كان محرما قبلها في أول الإسلام والشرب كالأكل فإن لم يفعل ذلك قبل خروجه ينبغي أن يفعله في الطريق أو في المصلى إن تيسر كما في شروح الحديث فإن لم يفعل فلا كراهة في الأصح كذا في الحلبي قوله : ويأكلهن وترا زاد ابن حبان ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل من ذلك أو أكثر بعد أن يكون وترا وقال شارحوه الحكمة في تخصيص التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي أضعف الصوم وترقيق القلب وهو أيسر من غيره ومن ثمة استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقا كالعسل وقيل : لأنه يحسن البول وقيل : لأن النخلة مثل بها المسلم فثمرها أفضل المأكول وقيل لأنها الشجرة الطيبة والحكمة في جعلهن وترا أنه النبي A كان يحب الإيتار في جميع أموره استشعارا للوحدانية فإن لم يتسير التمر أكل حلوا غيره كما ذكرنا فإن لم يتيسر أيضا تناول ما تيسر اهـ قوله : ربما يعاقب قال القهستاني : وبالترك في اليوم يعاقب اهـ قوله : وتقدم أنه للصلاة ذكر السرخسي عن الجواهر : يغتسل بعد الفجر فإن فعل قبله أجزأه ويستوي في ذلك الذاهب إلى الصلاة والقاعد لأنه يوم زينة واجتماع بخلاف الجمعة قال السروجي وهذا صحيح وبه قالت المالكية والشافعية كما في الحلبي واختاره في الدرر أيضا كون الغسل والنظافة فيه لليوم فقط وعلله في النهر بأن السرور فيه عام فيندب فيه التنظيف لكل قادر عليه صلى أم لا اه وفي السيد عن الأنهر الأصح أنه سنة وسماه مندوبا بالاشتمال السنة عليه قوله : وهذا نص الخ اسم الإشارة راجع إلى قوله في الحديث يوم عرفة وربما يقال : إنما فعله النبي A في حجة الوداع وكان لا تفيد الاستمرار كما نص عليه بعض الأصوليين وتقدم أنه لا يكون آتيا بالسنة إلا إذا اغتسل في عرفة وعبارته مع المنن في فصل الاغتسالات المسنونة ويسن الاغتسال للحاج لا لغيرهم ويفعله الحاج في عرفة لا خارجها ويكون فعله بعد الزوال لفضل زمان الوقوف قوله : وأعم الحالات أي جميع حالات الإمكان قوله : ويلبس أحسن ثيابه أي أجملها جديدا كان أو غسيلا لأنه النبي A كان يلبس بردة حمراء في كل عيد وهذا يقتضي عدم الاختصاص بالأبيض والحلة الحمراء ثوبان من اليمين فيهما خطوط حمر وخضرلا أنها حمراء بحت نهر والبحت الخالص لأن الأحمر القانئ أي شديد الحمرة مكروه كذا في شرح السيد بزيادة قوله : وكان للنبي صلى اله عليه وسلم جبة فنك أخرج البيهقي في سننه من طريق الشافعي أن النبي A كان يلبس برد حبرة في كل عيد وأخرجه في المعرفة عن الحجاج بن أرطأة عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال : كان للنبي A برد أحمر يلبسه في العيدين والجمعة قال في القاموس : البرد بالضم ثوب مخطط وفي المصباح البردة كساء صغير مربع اه وفي النهاية الحبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة بوزن عنبة ما كان موشى مخططا وهو برد يماني يقال برد حبرة على الوصف والإضافة اهـ قال القرطبي : سميت حبرة لأنها تحبر أي تزين والتحبير التحسين قيل : ومنه قوله تعالى : { فهم في روضة يحبرون } والوشي التخطيط اه وقولهم حبرة بفتح الحاء خطأ مشهور وفي الشرح الفنك حيوان يشبه الثعلب اهـ قوله : ويؤدي صدقة الفطر المقصود هنا بيان أفضل أوقات الدفع فلا ينافي أنها واجبة في ذاتها والحاصل أن لها أحوالا أربعة أحدها قبل يوم الفطر بشرط رمضان أو قبله على اختلاف في ذلك كما يأتي في محله إن شاء الله تعالى وهو جائز ثانيها يومه قبل الصلاة وهو مستحب ثالثها بعد الصلاة في ذلك اليوم وهو جائز أيضا رابعها بعد خروج يوم الفطر وفيه إثم لكن يرتفع الإثم بالأداء كمن أخر الحج بعد القدرة فإنه يأثم ثم يزول بالأداء كذا في البحر قوله : وشكر نعمته عطف على الفرح قوله : ويتختم لما روي أن من كان لا يتختم من الصحابة في سائر الأيام يتختم يوم العيد كذا في اشلرح والتهنئة بقوله تقبل الله منا ومنكن ولا تنكر بل مستحبة لورود الأثر بها كما وراه الحافظ ابن حجر عن تحفة عيد الأضحى لأبي القاسم المستملي بسند حسن وكان أصحاب رسول الله النبي A إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم قال : وأخرجه الطبران أيضا في الدعاء بسند قوي اهـ قال والمتعامل به في للبلاد الشامية والمصرية قول الرجل لصاحبه عيد مبارك عليك ونحوه ويمكن أن يلحق هذا اللفظ بذلك في الجواز الحسن واستحبابة لما بينهما من التلازم اهـ وكذا تطلب المصافحة فهي سنة عقب الصلاة كلها عند كل لقي قوله : أول الوقت هو بعد الصبح قهستاني قوله : لينال فضيلته أي فضيلة الابتكار قوله : والصف بالجر عطف على الضمير في فضيلة أي ولينال فضيلة الصف الول قوله : وصلاة الصبح أي في جماعة قوله : لقضاء حقه أي حق مسجد الحمي فإن الصلاة فيه أفضل من الجامع على أحد قولين قوله : ويتمحض بالنصب عطف على قضاء واللام مسلطة عليه أي وليتخلص ذهابه وقوله لعبادة متعلق بيتمحض قوله : ثم يتوجه إلى المصلى بالنصب عطف على المندوبات فإن خصوص التوجه إلى المصلى مندوب وإن وسعهم المسجد عند عامة المشايخ وهو الصحيح وقد كان إلى المصلة مندوب وإن وسعهم المسجد عند عامة المشايخ وهو الصحيح وقد كان رسول الله A يخرج في صلاة العيد إليه وهو موضع معروف بالمدينة بينه وبين باب المسجد ألف ذراع كما في العيني على البخاري وأما مطلق التوجه فواجب اهـ قوله : وغض بصر أي كفه عما لا ينبغي أن يبصر قوله : روي أنه النبي A خرج ماشيا وروي أنه ما ركب في عيد ولا جنازة ولا بأس بالركوب في الرجوع لأنه غير قاصد إلى قربة كما في السراج وهذا إن قدر وإلا فالركوب أولى قهستاني قوله : مخرج العبد الذليل مفعل بمعنى الحدث لا المكان ولا الزمان قوله : مكبرا سرا قال الطحاوي : ذكر ابن أبي عمران عن أصحابنا جميعا أن السنة عندهم يوم الفطر أن يكبر في طريق المصلى وهو الصحيح لقوله تعالى : { ولتكبروا الله على ما هداكم } [ البقرة : 2 ] قوله : وعندهما جهرا قال الحلبي : الذي ينبغي أن يكون الخلافة في استحباب الجهر وعدمه لا في كراهته وعدمها فعندهما يستحب وعنده الإخفاء أفضل وذلك لأن الجهر قد نقل عن كثير من السلف ك ابن عمر و علي و أبي أمامة الباهلي و النخعي و ابن جبير و عمر بن عبد العزيز و ابن أبي ليلى و أبان بن عثمان و الحكم و حماد و مالك و الشافعي و أحمد وأبي ثور كما ذكره ابن المنذر في الإشراق اهـ قوله : وكان ابن عمر يرفع صوته بالتكبير أجيب نت طرف الإمام بأنه قول صحابي فلا يعارض به عموم الآية القطعية أعني قوله تعالى : { واذكر ربك } إلى قوله ودون الجهر قوله : وتكثيرا للشهود لأن مكان القربة يشهد لصاحبة اهـ سراج ولا بأس ببناء منبر في المصلى ولم يكن في زمنه النبي A لها منبر وإنما كان يخطب وهو واقف وكذا الخلفاء الراشدون بعده وأول من أحدثه مروان بن الحكم في خلافة معاوية كذا يعلم من البخاري وشرحه قوله : في المصلى اتفاقا قي القهستاني عن المضمرات أنها لا تكره في ناحية المسجد عند ابن مقاتل فكأنه لم يعتبر خلافه والكراهة تثبت مطلقا ولو في صلاة الضحى أو تحية المسجد وسواء من تجب عليه صلاة العيد وغيره حتى يكره للنساء أن يصلين الضحى يوم العيد قبل صلاة الإمام كما في النهر وغيره عن الخانية قوله : لأن رسول الله صلى لله عليه وسلم الخ أي مع حرصه على النوافل فلولا الكراهة لفعل قوله : على اختيار الجمهور وأطلق قاضيخان وصاحب التحفة إباحة التطوع بعدها بأربع ركعات في الجباية وذكر في الزاد والخلاصة يستحب أن يصلي بعد صلاة العيد أربع ركعات لحديث علي Bه أنه النبي A قال : [ من صلى بعد العيد أربع ركعات كتب الله بكل نبت وبكل ورقة حسنة ] كذا في الشرح ويحمل على الصلاة في البيت قوله : قدر رمح هو أثنا عشر شبرا والمراد به وقت حل النافلة اهـ قوله : بل نفلا محرما لوقوعه في وقت الطلوع وللجماعة في النفل ويستحب تعجيل الإمام الصلاة في أول وقتها في الأضحى وتأخيرها قليلا عن أول وقتها في الفطر بذلك كتب رسول الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم وهو بنجران : عجل الأضحى وأخر الفطر قيل : ليؤدي الفطر ويعجل إلى التضحية زاهدي وحلبي وابن أمير حاج قوله : ويقول بلسانه : أصلي صلاة العيد الله تعالى ولا يشترط نية الواجب للاختلاف فيه قوله : أيضا أي كما ينوي صلاة العيد وتقدم أن نية الشروع مع الإمام في صلاته صحيحة قوله : وهو مذهب ابن مسعود وعمر وأبي موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان وعقبة بن عامر وعبد الله بن الزبير وأبي هريرة وأبي مسعود الأنصاري وأبي سعيد الخدري والبراء بن عازب وابن عباس و الحسن و ابن سيرين و الثوري قوله : ويسكت بعد كل تكبيرة مقدار ثلاث تكبيرات في رواية قال في المبسوط : وهذا التقدير ليس بلازم لأن المقصود منه إزالة الاشتباه عن القوم وهو يختلف بكثرة الزحام وقلته اهـ قوله : ولا بأس بأن يقول الخ في القهستاني عن عين الأئمة أن التسبيح بينها أولى اهـ قوله : يرفع يديه إلا في تكبيرة الركوع ولو صلى خلف إمام لا يرى الرفع فيها يرفع ولا يوافق الإمام في الترك بحر عن الظهيرية