- وأما المواضع التي يصلي فيها فإن من الناس من أجاز الصلاة في كل موضع لا تكون فيه نجاسة ومنهم من استثنى من ذلك سبعة مواضع : المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق والحمام ومعاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله ومنهم من استثنى من ذلك المقبرة فقط ومنهم من استثنى المقبرة والحمام ومنهم من كره الصلاة في هذه المواضع المنهي عنها ولم يبطلها وهو أحد ما روي عن مالك وقد روي عنه الجواز وهذه رواية ابن القاسم . وسبب اختلافهم تعارض ظواهر الآثار في هذا الباب وذلك أن ههنا حديثين متفق على صحتهما وحديثين مختلف فيهما . فأما المتفق عليهما فقوله E " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي وذكر فيها : وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأينما أدركتني الصلاة صليت " وقوله E " اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا " وأما الغير المتفق عليهما فأحدهما ما روي " أنه E نهى أن يصلي في سبعة مواطن : في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله " خرجه الترمذي . والثاني ما روي أنه قال E " صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل " فذهب الناس في هذه الأحاديث ثلاثة مذاهب : أحدهما مذهب الترجيح والنسخ والثاني مذهب البناء : أعني بناء الخاص على العام والثالث مذهب الجمع . فأما من ذهب مذهب الترجيح والنسخ فأخذ بالحديث المشهور وهو قوله E " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " وقال هذا ناسخ لغيره لأن هذه هي فضائل له E وذلك مما لا يجوز نسخه . وأما من ذهب مذهب بناء الخاص على العام فقال : حديث الإباحة عام وحديث النهي خاص فيجب أن يبني الخاص على العام . فمن هؤلاء من استثنى السبعة مواضع ومنهم من استثنى الحمام والمقبرة وقال : هذا هو الثابت عنه E لأنه قد روي أيضا النهي عنهما مفردين . ومنهم من استثنى المقبرة فقط للحديث المتقدم . وأما من ذهب مذهب الجمع ولم يستثن خاصا من عام فقال أحاديث النهي محمولة على الكراهة والأول على الجواز . واختلفوا في الصلاة في البيع والكنائس فكرهها قوم وأجازها قوم وفرق قوم بين أن يكون فيها صور أو لا يكون وهو مذهب ابن عباس لقول عمر : لا تدخل كنائسهم من أجل التماثيل والعلة فيمن كرهها لا من أجل التصاوير حملها على النجاسة واتفقوا على الصلاة على الأرض واختلفوا في الصلاة على الطنافس وغير ذلك مما يقعد عليه على الأرض والجمهور على إباحة السجود على الحصير وما يشبهه مما تنبت الأرض والكراهية بعد ذلك وهو مذهب مالك بن أنس ( لا يخفى ما في هذه العبارة فتدبر )